الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في قلق وتوتر وأتخيل أن الناس يظلمونني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي مشكلة أعاني منها منذ زمن طويل، وأتمنى منكم مساعدتي فيها.

أعاني من مشاكل نفسية، وأستحي من وصفها: خوف وتوتر وقلق غير طبيعي، وتأتأة في الكلام تزداد مع التوتر، مع ارتجاف في جسمي كله، وحتى في يدي هناك رجفة خفيفة.

كما أعاني من ضيق في التنفس، وتخيلات عجيبة جدًّا؛ أتخيل أن الناس يظلمونني، وأتخيل نفسي في مواقف محرجة، وأتخيل أنني أساعد الناس، وأني بطل خارق.

أرجوكم، أريد حلاً، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى أن يحفظك ويوفقك لكل خير.

أود أن أوضح لك أن ما تعاني منه هو سمات من القلق العام، والقلق في أصله طاقة نفسية مهمة جدًّا للإنسان؛ لأنه هو الذي يحرك فينا الدافعية والتحفيز لتحقيق الإنجازات الإيجابية في الحياة، لكن بالطبع القلق إذا زاد عن معدله الطبيعي فقد تكون له آثار عكسية، فيظهر في شكل توتر، أو تلعثم في الكلام أحيانًا -كما تفضلتَ وذكرت-، وكذلك الرجفة، وبعض الناس قد يشتكون من التعرق، وهذه كلها أعراض قلق معروفة.

ألاحظ أن هذا القلق ربما دفعك إلى نوع من الانسحاب الاجتماعي، بمعنى أنك أصبحت تتخيل أن الناس يظلمونك، أو أنك ستقع في مواقف محرجة أمامهم، وهذا ليس رهابًا اجتماعيًا بالمعنى الدقيق للكلمة؛ لأنه لا يستوفي الشروط التشخيصية للرهاب الاجتماعي، لكنه نوع من عدم القدرة على التكيف مع المواقف الاجتماعية، وينتج غالبًا من زيادة في القلق النفسي.

حتى تستفيد من هذا القلق وتجعله إيجابيًا، أنصحك باتباع عدة خطوات عملية:
1. وضع برامج يومية منتظمة تتضمن ممارسة الرياضة، وهذا مهم جدًّا.
2. ممارسة تمارين الاسترخاء، ويمكنك تعلمها من خلال برامج كثيرة متوفرة على الإنترنت، خاصةً عبر اليوتيوب، أو بالتواصل مع أخصائي نفسي ليقوم بتدريبك عليها.
3. تنظيم النوم: تجنب النوم النهاري قدر المستطاع، وكن حريصًا على النوم الليلي المبكر.
4. الابتعاد عن السهر قدر الإمكان.
5. تنظيم الوقت وتحديد وقت للدراسة والتواصل الاجتماعي مع أصدقائك، ولا بد أن تتفاعل مع أسرتك إيجابيًا.
6. تحديد أهداف واضحة وخطط لتحقيقها؛ لأن وجود الأهداف يعطي النفس طاقة إيجابية.

بهذا الأسلوب تكون قد حولت القلق الذي تعاني منه إلى قلق إيجابي يدفعك للتقدم والنجاح -بإذن الله-.

وبالنسبة للعلاج الدوائي: لا مانع من استخدام دواء بسيط مضاد للقلق يسمى (سولبيريد، Sulpiride)، واسمه التجاري (دوجماتيل، Dogmatil)، وهو دواء فعال وبسيط وآمن، يمكنك أن تبدأ بجرعة 50 ملغ صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم 50 ملغ صباحًا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله..؛ هو دواء بسيط وسليم جدًّا، وآثاره الجانبية قليلة جدًّا بجرعاته الصغيرة هذه، خاصة وأن حالتك ليست معقدة.

كما ذكرت لك: هذا قلق عام معمم، تحول إلى طاقة نفسية سلبية، ومن خلال اتباعك لما ذكرته لك، وتناول الدواء الموصوف -بإذن الله تعالى- سيتحول هذا القلق إلى طاقة إيجابية.

واعلم - بارك الله فيك - أن هذا النوع من القلق حتى لو استمر معك لفترة، فإنه يُعتبر عابرًا بطبيعته، ولا بد أن ينتهي في يوم من الأيام -بإذن الله تعالى- وأسأل الله أن يكون ذلك قريبًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً