الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصل أبناء أختي المتوفاة في ظل ظروفي الصعبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توفيت أختي منذ ثلاث سنوات، وتركت خلفها ثلاثة أبناء، كان أكبرهم يبلغ من العمر تسع سنوات، تليه فتاة في السابعة، وأصغرهم كانت تبلغ خمس سنوات، وبعد وفاتها بمدة قصيرة تزوج زوجها من امرأة لا نعرف عنها شيئًا، ومنذ ذلك الحين، يزور الأطفال بيت أهلي -بيت جدهم- كل أسبوع أو أسبوعين.

وأنا متزوجة ولدي أيضاً ثلاثة أطفال صغار، ولا أستطيع دائمًا التواجد في بيت أهلي أثناء زيارات أبناء أختي، وذلك لانشغالي ببيتي، ورعاية أطفالي، وواجباتي تجاه زوجي وأهله، وهذا يجعلني أشعر بتقصير شديد تجاه أبناء أختي، ويؤنبني ضميري كثيرًا؛ لأني لا أراهم كثيرًا، ولا أقدم لهم ما أظن أنهم بحاجة إليه من الحنان أو الدعم، كما أن زوجي من النوع الصعب، ولا يحب أن يزورنا أولئك الأطفال ويأتوا إلى بيتنا.

هل عليّ إثم لأنني لا أهتم بأبنائها، مع أنهم من صلة الرحم، ووالدتهم متوفاة؟ وأمي كبيرة في السن، ولا تستطيع أن تعتني بالصغار.
وسؤالي أيضًا: هل أُعدّ قاطعةً لرحم أختي بسبب قلّة رؤيتي لأبنائها وقلّة اعتنائي بهم؟ علمًا بأن أختي -رحمها الله- كانت أقرب أخواتي إليّ، وكانت علاقتي بها ممتازة قبل وفاتها.

شكرًا لكم، وأعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يرحم أختك، وأن يتولّى صغارها، وأن يُعين أمك على القيام بحقهم، ونسأله أن يُعينك أنتِ أيضًا على القيام بما تقدرين عليه، وبما تتمكّنين منه من الإحسان إليهم وصِلَتهم.

وقد أحسنتِ -أيتها الأخت العزيزة- حين سألتِ عمَّا يجب عليكِ أن تفعليه في حقّ أبناء أختك، ولا شكّ أنهم من الأرحام الذين يجب عليكِ أن تَصِليهم بما تتمكّنين من الصلة، ممّا جرت به عادة الناس في مجتمعك، فصلة الرحم فريضة، وهؤلاء الأطفال هم من الأرحام بلا شك كما تفضّلتِ، فيجب عليكِ أن تتّقي ربك بما تقدرين عليه، لأنّ الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وَإِذَا ‌أَمَرْتُكُمْ ‌بِأَمْرٍ ‌فَأْتُوا ‌مِنْهُ ‌مَا ‌اسْتَطَعْتُمْ" [رواه البخاري].

فسدّدي وقاربي، حاولي أن تتلطّفي بزوجك بقدر الاستطاعة، في أن تزوري بيت أهلك أثناء وجود هؤلاء الأطفال عندهم، حاولي أن تُدخلي الفرحة إلى قلوبهم بما تقدرين عليه، وبما أنهم أطفال، فإن إدخال السرور إلى قلوبهم يكون سهلًا يسيرًا، بهدايا وإن كانت بسيطة، ونحو ذلك من الصلة التي جرى بها عُرف الناس وعادتهم.

فإذا فعلتِ ما تقدرين عليه من ذلك، برئت ذمّتك، ولا يكلّف الله نفسًا إلّا وُسعها، وعلى فرض أنه حصل منعٌ لكِ من زوجك بأن تخرجي من بيتك لزيارتهم -أو نحو ذلك- فإن الواجب عليكِ أن تُطيعي زوجك، وحقّ الزوج مُقدَّم على حقّ غيره. لكننا على ثقة أنكِ ستمكّنين -بإذن الله تعالى- من فعل شيء من إدخال السرور إلى قلوب هؤلاء الأطفال والإحسان إليهم.

نؤكّد مرةً ثانيةً أنّه ينبغي أن تُقاربي في الأمر ما استطعتِ، واستعيني بالله، وبتذكير زوجك بفضل الإحسان إلى الأطفال الصغار، ولا سيما وهم قد فقدوا أمّهم، ولعلّ الله تعالى أن يُكلّل جهودك بالنجاح والتوفيق.

نسأل الله تعالى أن يوفّقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً