السؤال
سيدي الفاضل: لقد تزوجت من امرأة على زوجتي الأولي بعلمها، وبعد زواجي بفترة قصيرة بدأت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجتي الأولى وصلت إلى حد الطلاق، فطلقتها مرة ثم راجعتها، واستمرت الحياة ولكن مع كثير من المشاكل، وبعد ذلك بدأت تظهر لي متاعب صحية مما استدعي ذهابي إلي الأطباء الذين أكدوا أنني لا أعاني من أي مرض عضوي، وقادني قدري إلي التعرف علي شيخ ـ معالج روحاني ـ قصصت عليه موضوعي فسألني عن اسمي واسم والدتي وقال هذه البيانات أستخدمها حتي يتسني لي الكشف عليك، وبعد يوم واحد كلمته فأخبرني أنني أعاني من سحر خبيث أعدته لي زوجتي الثانيه بهدف التفريق بيني وبين زوجتي الأولي حتى تستأثر بي وطلب مني أن لا أخبرها وبدأنا طريق العلاج، وقد كان هذا الشيخ يتواصل مع أحد أقربائي وأخبره بدون علمي أنه إذا أردت أن أتخلص من معاناتي فيجب علي أن أطلق زوجتي الثانية وأن أرسلها إلي البلد الذي أتت منه حيث إنها من بلد آخر، فقمت بإرسالها إلي بلدها بحجة أن تزور أهلها وأنا سوف ألحق بها وأنا في نيتي أن أطلقها، كما قال الشيخ، فتركتها لمدة شهر ببيت أهلها تم حدثتها هاتفيا وأخبرتها بأنني علي علم تام بكل الأشياء التي كانت تفعلها من سحر وخلافه وأنني سوف أطلقها، فأجهشت بالبكاء وأخبرتني أنني ظلمتها ظلما شديداً وخدعتها وأقسمت بأغلظ الأيمان أنها لا تعرف أي ساحر، ولم تتعامل مع سحرة من قبل، وأخبرتني أنها توافق على الطلاق ولكن بعد أن أظهر لها بينة على صدق كلامي، فرجعت إلى الشيخ وسألته أن يعطيني أي دليل أواجهها به لأنها تقسم وتنكر وحتى يرتاح ضميري أيضا، فأخبرني أنه لا يستطيع أن يخبر بالتفاصيل لأنه مقيد بعهود ويجب أن يوفي بها، فذهبت لشيخ آخر فأكد لي كلام الشيخ الأول ورفض أيضا إعطائي أدلة على كلامه والآن يا سيدي: أنا وزوجتي هذه بين شد وجذب لقرابة سبعة أشهر ضغطت عليها بشتى الطرق وهي مصرة على الإنكار، ورغم ما فعلته معها إلا إنها لا تظهر لي إلا الود والاحترام، وتخبرني بأنها منتظرة أن أقرر في هذا الموضوع، حيث إنها تحملت كثيراً وتريد أن تعرف نهاية الأمر، ولا أدري، هل أطلقها كما أخبرني الشيخ المعالج بدون إبداء الأدلة والبراهين؟ أم أصدقها وتستمر الحياة بهذا الشكل؟ فأنا في صراع هائل بين كلام الشيخ وبين حقوق هذه الزوجة التي أعلم جيداً أنني قصرت في حقها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر من كلام هذا الرجل وحاله أنه مشعوذ كذاب. وعليه، فإننا ننصحك بالابتعاد عنه وعدم تصديق كلامه، ونوصيك بإمساك زوجتك هذه ما دمت لم تر منها إلا الخير، وإن كنت تشكو من شيء من أعراض السحر ونحوه، فنوصيك بالرقية الشرعية المبينة في الفتاوى التالية ررقامها:80694، 2244، 4310، 22104.
ثم احذر من اتهام زوجتك بمجرد الظنون والأوهام، فإن هذا سيحملك تبعة عظيمة أمام الله سبحانه، فقد قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}. قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. أي: ينسبون إليهم ما هم براء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.
واعلم أن ما قمت به من التضييق على زوجتك وإخراجها من بيتها والإساءة إليها هو نوع من الظلم العظيم الذي حرمه الله سبحانه وحرمه رسوله الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما وحسنه الألباني.
وقد عد بعض العلماء ظلم المرأة والعدوان على حقوقها دون وجه حق من جملة الكبائر، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِالْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى.
وتذكر أنك مطالب بمعاشرة زوجتك بالمعروف، امتثالاً لقوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}. قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ. انتهى.
والله أعلم.