السؤال
منذ سنوات وأمي تضع أموالها بالبنوك الربوية، وتحرص على شراء شهادات الاستثمار ذات العائد المحرم، وتضيف الفوائد كل فترة على رؤوس أموالها طمعا في زيادة العائد، وقد نصحتها أكثر من مرة عن حرمة فعلها هذا، وأسمعتها شريط كاسيت لأحد المشايخ التي تحبهم رغبة مني في نقل أموالها لبنك إسلامي. وكنت أقول لها إن البنوك لا تستثمر، بل تقرض بفائدة، وإن الأرباح المتكونة على رؤوس أموالها هي نتاج لتلك الفوائد، كانت تعترض وتقول بأن البنوك تستثمر أموال المودعين، وأن تلك الأرباح حقها، وكثيرا ما كانت تقول بأن المفتي عندنا بمصر " سيد طنطاوي " أفتى بحل التعامل مع تلك البنوك، ولو كانت حراما هو الذي يتحمل الوزر، وكانت تقيس جواز ما تفعله بقولها لي بأن رواتب الموظفين من البنوك، وأنا لا أعلم هل أمي تعتقد فعلا جواز التعامل مع البنوك لاقتناعها بأنها تستثمر ولا ترابي؟ وهل فعلا مقتنعة بفتوى المفتي أم هي تتبع الهوى ورخص العلماء؟ هذا غيب لا يعلمه إلا الله، ولكني كان ينتابني أحيانا شعور وأنا أتحدث معها بأنها تتكلم عن اقتناع لا أدري، ولكن هذا الشعور كان يخامرني أحيانا وأنا أتكلم معها مع العلم بأن أمي مبتلاة بالبخل والحرص على المال، حتى أنها كانت لا تزكي، وتكتفي بزكاة الفطر، وتعتقد أنها بذلك أدت زكاة مالها؛ رغم تحذيري لها بحرمة ذلك.
مرت سنوات ومرضت أمي، وقامت بعمل توكيل لأخي، وقامت بتوزيع هبة علينا من مالها المذكور بالتساوي، وكانت قبلها قد وهبت لي ثمن شراء شقة لفقري وعجزي وقتها عن الشراء، وبالفعل اشتريتها، ثم تيسر بعدها حالي بعض الشيء.
فما حكم قبول الهبة؛ سواء الأولى حال فقري، والثانية حال تيسر حالي، وذلك من الذي ظاهرها أنها تعتقد حل مالها، كما في حالة أمي، لا سيما وأن هناك فتوى لابن تيمية تبيح التعامل مع من ماله حرام إذا كان معتقدا حله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المسلم إذا عامل معاملة يعتقد هو جوازها، وقبض المال، جاز لغيره من المسلمين أن يعامله في مثل ذلك المال، وإن لم يعتقد جواز تلك المعاملة... ولهذا قال العلماء: إن الكفار إذا تعاملوا بينهم بمعاملات يعتقدون جوازها، وتقابضوا الأموال، ثم أسلموا كانت تلك الأموال لهم حلالا، وإن تحاكموا إلينا أقررناها في أيديهم؛ سواء تحاكموا قبل الإسلام أو بعده.
وإذا قبلت المال، واتضح يوم القيامة أنها كانت تعلم الحق، ولكنها كانت تتبع الهوى والرخص. فما حكم أخذ تلك الهبة؟