الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
خلع عليه حتى استغاث

وحدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، قال: حدثنا عبيد الله بن إسحاق بن سلام، قال: أتى الكميت باب مخلد بن يزيد بن المهلب يمدحه، فصادف على بابه أربعين شاعرا، فقال للآذن: استأذن لي على الأمير.

فاستأذن له عليه فأذن له، فقال له: كم رأيت بالباب من شاعر؟ قال: أربعين شاعرا، قال: فأنت جالب التمر إلى هجر، قال: فإنهم جلبوا دقلا وجلبت أزاذا، قال: فهات أزاذك، فأنشد:


هلا سألت منازلا بالأبرق درست فكيف سؤال من لم ينطق     لعبت بها ريحان ريح عجاجة
بالسافيات من التراب المعنق     والهيف رائحة لها ينتاحها
طفل العشي بذي حناتم شرق

 

الحناتم: جرار خضر شبه الغيم بها، والهيف: الريح الحارة، قال القاضي: من الهيف قول ذي الرمة:


وصوح البقل مازي يجيء به     هيف يمانية في مرها نكب



والحناتم: واحدها حنتمة وحنتم، قال الشاعر في الحنتم:


وأقفر من حضارة ورد أهله     وقد كا يسقي في قلال وحنتم



وقال في الحناتم:


يمشون حول مكدم قد كدحت     متنيه حمل حناتم وقلال



[ ص: 242 ] قوله: كدحت متنيه حمل حناتم، كقول الشاعر:


أرى مر السنين أخذن مني     كما أخذ السرار من الهلال



ولهذا نظائر تذكر وتشرح عللها في مواضع أخر.

تمام شعر الكميت:


تصل اللقاح إلى النتاج مزية     لحقوق كوكبها وإن لم يحقق
غيرن عهدك بالديار ومن يكن     رهن الحوادث من جديد يخلق
إلا خوالد في المحلة بيتها     كالطيلسان من الرماد الأورق
متبجحا ترك الولائد رأسه     مثل السواك ودمه كالمهرق
دار التي تركتك غير ملومة     دنا فارع بها عليك وأشفق
قد كنت قبل تتوق من هجرانها     فاليوم إذ شحط المزار بها تق
والحب فيه حلاوة ومرارة     سائل بذلك من تطعم أو ذق
ما ذاق بؤس معيشة ونعيمها     فيما مضى أحد إذا لم يعشق
من قال رب أخا الهموم ولم يبت     غرض الهموم ونصبهن يؤرق



حتى بلغ إلى قوله:


بشرت نفسي إذ رأيتك بالغنى     ووثقت حين سمعت قولك لي: ثق



فأمر بالخلع عليه، فخلع عليه حتى استغاث، فقال: أتاك الغوث، ارفعوا عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية