الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
شرح وإعراب

قال القاضي : قول أبي تمام : يا مذل ، المذل ، الفتور والخدر ، قال الشاعر :


وإن مذلت رجلي دعوتك أشتكي بدعواك من مذل بها فيهون

وقوله :


حتى ظننت قوافيه ستقتتل



أسكن الياء وحقها النصب لضرورة الشعر ،
 وقد جاء مثله في كثير من العربية ، ومن ذلك قول الأعشى :


فتى لو ينادي الشمس ألقت قناعها     أو القمر الساري لألقى المقالدا

وقال رؤبة :


كأن أيديهن بالقاع القرق     أيدي جوار يتعاطين الورق

وقد قرأ بعض النحويين من القرأة حرفا من القرآن على هذه اللغة في رواية انتهت إلينا عنه ، ذلك أن أبي حدثني قال : حدثنا محمد بن معاذ بن قرة الهروي ، قال : حدثنا علي بن خشرم ، قال : سمعت الكسائي يقرأ : " وإني خفت الموالي من ورائي " قال :


كأن أيديهن بالقاع القرق     أيدي جوار يتعاطين الورق

 والمعروف في هذا الموضع من التلاوة قراءتان ، إحداهما : " وإني خفت الموالي " بمعنى : قلت الموالي ، فالموالي في هذه القراءة ساكنة ، وهي في موضع رفع بالفعل .

رويت هذه القراءة عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعدد من متقدمي القرأة ، والقراءة الثانية : وإني خفت ، من الخوف الموالي بالنصب ، إذ هي مفعول بها .

وهذا باب واسع مستقصى في كتبنا المؤلفة في علوم التنزيل والتأويل ، والمعروف مما نقله رواة الشعر في بيت الأعشى :

فتى لو ينادي الشمس ،

فيه وجهان من التفسير .

أحدهما : أن يكون من الدعاء والمناداة ، والمعنى : لو دعاها لأجابته مذعنة طائعة . والآخر : أن يكون المعنى : لو جالسها في الندي والنادي ، ورواه أبو العباس محمد بن يزيد النحوي : لو يباري من المباراة ، وهي المعارضة ، والعرب تقول : فلان يباري الريح ، أي يعارضها ، قال طرفة :


تباري عناقا ناجيات وأتعبت     وظيفا وظيفا فوق مور معبد

وقول أبي تمام : قدك ، معناه : حسبك ، قال النابغة :

[ ص: 319 ]

قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا     إلى حمامتنا أو نصفه فقد

ومعنى : اتئب : استحيي ، أربيت : زدت في الغلواء ، مأخوذ من الغلو وتجاوز الحد ، قال الشاعر :


إلا كناشرة الذي ضيعتم     كالغصن في غلوائه المتثبت

والسجراء بالسين المهملة جمع سجير ، وهو القريب الولي ، فأما الشجراء بالشين المعجمة فإنه جمع شجير ، وهو البعيد والعدو .

التالي السابق


الخدمات العلمية