حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو أحمد الختلي ، قال : سمعت محمد بن عمر البزاز ، يذكر عن قال : حدثنا محمد بن عباد ، قال سفيان بن عيينة علقمة بن لبيد العطاردي ، لابنه : يا بني ! إن نزعتك إلى صحبة الرجال حاجة ، فاصحب من إن صحبته زانك ، وإن خدمته صانك ، وإن عركت به مانك . من إن قلت صدق قولك ، وإن صلت سدد صولك ، يزاول عنك من رام ونالك . من إن مددت يدك يصل مدها ، وإن بدرت منك ثلمة سدها ، وإن رأى منك حسنة عدها . من إن سألته أعطاك ، وإن سكت عنه ابتدأك . من إن نزلت بك إحدى ملمات الزمان آساك ، من لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك من الطرائق ، ولا يخذلك عند الحقائق . من إن حاولت حويلا أمرك ، وإن تنازعتما منفسا آثرك .
قوله : إن حاولت حويلا أي رمت أمرا طالبا ومنازعا أمرك ، ويتجه في قوله : أمرك وجهان ، أحدهما : أن يأمرك بالصواب فيه ، ويشير عليك بركوب الحزم فيما تحاوله ، ويرشدك إلى وجه الرأي في التأتي له . والوجه الثاني : أن يكون معنى قوله : أمرك كثرك فيما تحاوله ، وأيدك فيما تجاذبه وتزاوله ، وأمدك بقوته ، ورفدك بمعونته ، من قولهم : قد أمر بنو فلان : أي كثروا ، كما قال لبيد :
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا يوما يصيروا للذل والعار
وقال آخر :أم عيال ضنؤها أمر لو نحرت لضيفها عشر جزر
لأصبحت من لحمهن تعتذر
وقد تؤول قول الله عز وجل أمرنا مترفيها على وجهين في قراءة الجماعة ، والوجهان : أمرنا أي أمروا بالطاعة ففسقوا ، وقيل : فيه أكثرنا ، وقرئ أمرنا من الإمارة ، وأمرنا بمعنى أكثرنا ، وروي عن الحسن أنه قال : أمرنا بكسر الميم على معنى أكثرنا ، وأنكر هذه القراءة وذكر أن أمر لا يتعدى إلى مفعول . وحكى الفراء التعدي في هذا الفعل عن العرب ، فصحت قراءة الحسن من جهة العربية ، وإن شذت عما نقلته الجماعة في هذه الكلمة من القراءة . أبو زيد
واستقصاء هذا الفعل وتلخيصه ، في موضعه من كتبنا في علوم التنزيل والتأويل .