حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشرابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن بشر المرثدي ، قال : حدثنا أبو إسحاق طلحة بن عبد الله [ ص: 337 ] الطلحي ، قال : أخبرني قال : وحدثني أحمد بن إبراهيم ، أبي ، عمن حدثه ، قال : معبد - وهو يومئذ أحسن أهل المدينة غناء - إلى مكة يتحدى الغريض ، فسأل عن منزله فدل عليه ، فأتاه فقرع الباب فقالت الجارية : من هذا ؟ فقال : قولي لأبي فلان ، هذا رجل من أهل المدينة من إخوانك ، فقال : افتحي له ، فدخل فحياه وسأله عن حاجته ، فقال : أنا رجل من أهل صناعتك ، وقد أحببت أن أسمع منك وأسمعك ، فقال هات على اسم الله تعالى ، فغناه معبد ، فقال : أحسنت والله يا أخي ، حتى انتهى ، ثم اندفع هو يغني ، فسمع معبد شيئا لم يسمع بمثله قط ، فقال له : أنت أحسن الناس غناء ، فقال له : كيف لو سمعت عجوزا لنا في سفح أبي قبيس ، يعني فقال : كيف لي - جعلت فداك - بأن أسمعه منه ؟ قال : قم بنا إليه ، قال : فنهضنا حتى أتينا باب ابن سريج ، فقرعه ابن سريج الغريض فعرفته الجارية ، فقالت : ادخل فدخلا جميعا فإذا نائم الصبحة ، وإذا عليه قرقرة أصفر . ابن سريج خرج
قال القاضي : كذا قال ابن الشرابي ، وهكذا رأيته في أصل كتابه والصواب قرقل في قول الجمهور ، وإن كان بعضهم قد رد هذا وصواب قولهم قرقر ، وقد خضب يديه وذراعيه إلى مرفقيه ، فقال له الغريض : جعلت فداك ، هذا رجل من إخوانك من أهل المدينة يتغنى ، وقد أحب أن يسمعك غناه ويسمع منك ، قال : هات ، فغناه معبد فقال له أحسنت والله ثم استل ابن سريج : دفا مربعا وتغنى : ابن سريج
نظرت عيني فلا نظرت بعده عيني إلى أحد
قال معبد : فسمعت شيئا ما سمعت مثله قط ، ولا ظننت يكون ، فأخذت أئتم به وأختلف إليه .من صفة الغريض
وحدثنا المظفر ، قال : حدثنا محمد بن أحمد المرثدي ، قال : أخبرنا أبو إسحاق الطلحي ، قال : وأخبرني أحمد ، قال : كان الغريض مخنثا وكان جميلا له شعر ، وكان مولى الثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر ، وكان يتعلم من ابن سريج .