وصية أعرابية لولدها 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري ،  قال : حدثني أبي ،  قال : حدثني عبد الله بن محمد بن رستم ،  قال : حدثني محمد بن عيسى النحوي ،  قال : قال  أبان بن تغلب   - وكان عابدا من عباد البصرة :  شهدت أعرابية وهي توصي ولدا لها يريد سفرا وهي تقول له : أي بني ! اجلس أمنحك وصيتي ، وبالله تعالى توفيقك ، فإن الوصية أجدى عليك من كثير عقلك . 
قال أبان :  فوقفت مستمعا لكلامها مستحسنا لوصيتها فإذا هي تقول : أي بني ! إياك والنميمة ، فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين ، وإياك والتغرض للعيوب ، فتتخذ غرضا ، وخليق ألا يثبت الغرض على كثرة السهام ، وقل ما اعتورت السهام هدفا إلا كلمته حتى يهي ما اشتد من قوته ، وإياك والجود بدينك ، والبخل بمالك ،  وإذا هززت فاهزز كريما يلين لهزتك ، ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا يتفجر ماؤها ، ومثل لنفسك أمثال ما استحسنت من غيرك فاعمل به ، وما استقبحت من غيرك فاجتنبه ، فإن المرء لا يرى عيب نفسه ، ومن كانت مودته بشره ، وخالف ذلك فعله ، كان صديقه منه على مثل الريح في تصرفها ، ثم أمسكت . فدنوت منها فقلت : بالله يا أعرابية إلا زدتيه في الوصية ، قالت : أوقد أعجبك كلام الأعراب يا عراقي ؟ قلت : نعم ، قالت : والغدر أقبح ما تعامل به الناس بينهم ، ومن جمع الحلم والسخاء فقد أجاد الحلة ريطتها وسربالها . 
				
						
						
