حدثني محمد بن عمر بن نصير الحربي ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الكوفي ، قال : أخبرني عبد الله بن إبراهيم الوراق ، قال : مصر ، وكنت أقصده وأبيت عنده الليلة والليلتين في الأسبوع ، وقل ما أخل بزيارته في ليلة كل جمعة ، وكان ينزل غرفة من الغرف فقصدت في بعض العشايا زيارته فوجدت غرفته مغلوقة وعليها مكتوب :
أبدا تحصل عندي فمتى أحصل عندك إن تناصفنا وإلا
أنت يا وراق وحدك
تأخير كل وتقديمها
قال القاضي : قوله في هذه الحكاية : في ليلة كل جمعة واللفظ الآتي في هذا الخبر صحيح يؤدي عن هذا المعنى ، وقد جاء في بعض القرآن نحو هذا في موضع من القرآن ، وهو كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار فقرأ جمهور القراء من أهل الحرمين والشام والعراقين على كل قلب متكبر ، بإضافة كل إلى قلب ، على أن قوله متكبر جبار ، من صفة ذي القلب ، وإن كان القلب نفسه قد يوصف بذلك ، ونحو هذا قولهم : فلان سليم القلب ، وقلب فلان سليم ، فيجري الصفة على اللفظ تارة أي على القلب إذ كانت السلامة والتكبر والجبرية فيه ، وتارة على صاحبه ويجعل صفة لجملته لاستحقاقه الوصف لها ، وإن كانت حالة في قلبه ، وقد قرأ بعض القراء على كل قلب متكبر بتنوين القلب ، وجعل الصفة له إذ كانت فيه ، وممن قرأ هكذا قول الله تعالى من أبو عمرو بن العلاء البصرة ، وذكر أنها من قراءة على كل قلب متكبر ، بإضافة قلب إلى كل على الوجه الذي قدمنا ذكره ، وهذه القراءة شاهدة للإضافة موافقة في المعنى قراءة من أضاف على الوجه الآخر ، وحكى عبد الله بن مسعود أنه سمع بعض العرب يقول : رجل سفره يوم كل جمعة ، يريد كل يوم جمعة ، قال : والمعنى واحد . الفراء
[ ص: 375 ] قال القاضي : ولفظ قراءتنا على ما في مصاحفنا على الإضافة أولى بإبانة المعنى وطريق التحقيق دون التجوز ، لأن قراءتنا أتت بإضافة كل إلى قلب ، واستوعبت قلوب المنكرين ، وجرت على إضافة جمع إلى ما دليل الجمع ظاهر في لفظه ، وقراءة عبد الله أضيف فيها واحد إلى جماعة تجوزا وعني به معنى الجمع وهو بمنزلة قول الشاعر :
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا فإن زماننا زمن خميص
كأنه وجه تركيين قد عصبا مستهدف لطعان غير تذبيب
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
الواردين وتيم في ذرا سبأ قد عض أعناقهم جلد الجواميس
لا تنكروا القتل وقد سبينا في حلقكم عظم وقد شجينا
ولا تهيبني الموماة أركبها إذا تجاوبت الأصداء بالسحر