حدثنا محمد بن الحسن بن دريد ، قال : أخبرني الحسن بن الخضر ، قال : أبو بكر - أظن عن أبيه ، قال :
إلى الحسن بن سهل القاضي : أما بعد فإني قد احتجت في أموري إلى رجل جامع لخصال الخير ، ذي عفة ونزاهة طعمة ، قد هذبته الآداب ، وأحكمته التجارب ، ليس بظنين في رأيه ، ولا بمطعون في حسبه ، إن اؤتمن على الأسرار قام بها ، وإن قلد مهما من الأمور أدى قبوله ، له سن مع أدب ولسان ، تقعده الرزانة ، ويسكته الحلم ، قد فر عن ذكاء وفطنة ، وعض عن قارحة من الكمال ، تكفيه اللحظة ، وترشده السكتة ، قد أبصر خدمة الملوك وأحكمها ، وقام بأمورهم فحذقها ، له [ ص: 399 ] أناة الوزراء ، وصولة الأمراء ، وتواضع العلماء ، وفهم الفقهاء ، وجواب الحكماء ، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده ، يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه ، وحسن لفظه ، دلائل الفضل عليه لائحة ، وأمارات العلم له شاهدة ، مضطلع بما استنهض ، مستقلا بما حمل ، وقد آثرتك بطلبه وحبوتك بارتياده ، ثقة بفضل اختيارك ، ومعرفة بحسن تأتيك ، فكتب إليه : إني عازم على أن أرغب إلى الله حولا كاملا في ارتياد هذه الصفة ، وأفرق الرسل الثقات إلى الآفاق لالتماسه ، وأرجو أن يمن الله تعالى بالإجابة ، وأفوز لديك بقضاء حاجتك إن شاء الله . محمد بن سماعة كتب
قال القاضي أبو الفرج : قوله : في هذا الخبر : ونزاهة طعمة بكسر الطاء الطاعم وهو هيئة على فعلة للتطعم مثل الركبة والجلسة ، والطعمة بالضم الشيء المطعوم وما جعل للإنسان من ضد الطعمة ، قال الشاعر :
وما أن طبنا جبن ولكن منايانا وطعمة آخرينا
ويقال : قد جعلت هذه الأرض لفلان طعمة أي جعلها لطعمه ، والطعمة بالفتح المرة في القياس من طعمت طعمة واحدة مثل الركبة والجلسة .