الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المجلس الخامس والخمسون

من جوامع الكلم

حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل أبو بكر الناقد ، بسر من رأى ، سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة ، قال : حدثنا إبراهيم يعني ابن الهيثم ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي الحمصي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا مطعم بن المقدام ، عن نصيح القيسي ،

[ ص: 405 ] عن ركب المصري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى لمن تواضع في نفسه من غير منقصة ، وذل في غير مسكنة ، وأنفق مالا جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذل والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة " .  

رواية أخرى للحديث

حدثنا إبراهيم بن سليمان بن حمدويه الدهان المروزي ، بالنهروان ، قدم للحج سنة تسع عشرة وثلثمائة ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن سلمان أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن ثميلة ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن أبان ، عن أنس ، قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم قهقهة عند القبور ، فقال : ما يؤمن هذا بيوم الحساب ، ثم خطب فقال : يا أيها الناس ! كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذين نشيع من الموتى يعني في نفر وهم إلينا راجعون ، وكأنا مخلدون بعدهم ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، طوبى لمن تواضع لله في غير منقصة ، وأنفق مالا جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذل والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، طوبى لمن ذل في نفسه ، وطاب كسبه ، وصلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، واعتزل عن الناس شره ، طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، ووسعته السنة ، ولم يتعدها إلى بدعة .  

قال : القاضي : لقد أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الموعظة ، وضمنها أصولا من الحكمة ، وأرشد فيها إلى ما يكسب النجاة والعصمة ، ويأمن العامل به المتقبل له العطب والهلكة .

وقد روي أن عبد الله بن مسعود سمع رجلا ضحك في المقبرة ، فقال له : لا أكلمك أبدا .

وحكي لنا عن بشر بن الحارث مثله ، ولعمري إن المقبرة لمحلة يدعو حضورها ذا اللب وسلامة الصدر والقلب ، إلى الرهبة والدعاء ، والتذكر والبكاء ، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن ربه في زيارة قبر أمه ، فأذن له وأنه زارها في ألف مقنع ، فلم ير باك ولا باكية أكثر من يومئذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية