رسول الله يعرض نفسه على القبائل
أخبرنا المعافى بن زكرياء قال أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المعروف بحرمي الأضاحي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثني إسماعيل بن مهران قال حدثني أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عكرمة عن رضي الله عنه قال حدثني ابن عباس عليه السلام قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه علي بن أبي طالب فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم وأبو بكر ، أبو بكر وكان رجلا نسابة فسلم فردوا السلام فقال : ممن القوم؟ قالوا : من ربيعة ، قال : من هامتها أو من لهازمها ، قالوا : بل من هامتها العظمى قال : وأي هامتها العظمى؟ قالوا : ذهل الأكبر ، قال : فمنكم عوف الذي كان يقال : لا حر بوادي عوف؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم بسطام أبو اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم حسان بن ربيعة حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا : لا ، قال :
[ ص: 421 ] فأنتم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا : لا ، قال : فأنتم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا : لا ، قال : فلستم أنتم ذهل الأكبر أنتم ذهل الأصغر . فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دعفل حين بقل وجهه ، فقال :
إن على سائلنا أن نسأله والعبء لا تعرفه أو تحمله
يا هذا إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئا ، فممن الرجل؟ قال : من قريش ، قال : بخ بخ أهل الشرف والرئاسة ، فمن أي قريش أنت؟ قال : من بني تيم بن مرة ، قال : أمكنت والله الرامي من صفا الثغرة ، فمنكم قصي بن كلاب الذي جمع الله به القبائل من فهر فكان يدعى مجمعا؟ قال : لا ، قال : فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال : لا ، قال : فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء الذي كأن وجهه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي؟ قال : لا ، قال : أفمن المفيضين بالناس أنت؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل الندوة؟ قال : لا . قال : أفمن أهل الحجابة؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل السقاية أنت؟ قال : لا ، قال : فاجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام ناقته فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال دغفل :صادف درء السيل درءا يدفعه يهضبه يرفعه أو يصدعه
تعليقات على الخبر
قال القاضي أبو الفرج : قول أبي بكر رضي الله عنه : من لهازمها ، اللهازم : نواحي العنق وجوانبه ، قال الراجز :
يا خاز باز أرسل اللهازما
وقوله : من صفا الثغرة : الصفا الحجر الأملس ومنه إن الصفا والمروة قال جرير :
[ ص: 423 ]
هبت شمالا فذكرى ما ذكرتكم إلى الصفاة التي شرقي حورانا
حتى كأني للحوادث صخرة بصفا المشقر كل يوم تقرع
حلفت يمينا برة وشفعتها فهل أنت مني باليمينين قانع
فما نازعت نفسي إلى ما كرهته ولا خلتها يوما إليه تنازع
ولا حل من قلبي هواك محلة من الناس ممن أصطفي وأشايع
لقد قرع الواشي بأهون سعيه صفاة قديما أخطأتها القوارع
فأزعجني في ضعفه وهو ساكن وشرد عن عيني الكرى وهو هاجع
ما زلت أرميهم بثغرة نحره ولبانه حتى تسربل بالدم
فبات يشئزه ثأد ويسهره تذوب الريح والوسواس والهضب
وأما قول المثنى بن حارثة : فإنا نزلنا بين صيرين فإن الصير : الجانب والناحية والحد . قال زهير :
وقد كنت من سلمى سنين ثمانيا على صير أمر ما يمر ولا يحلو