الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المجلس الثامن والخمسون

خطبة لعمر رضي الله عنه

أخبرنا المعافى بن زكريا قال حدثنا ابن أبي داود عبد الله بن سليمان في شعبان سنة ست عشرة وثمانمائة إملاء من لفظه بتلقين ابنه أبي معمر إياه قال حدثنا المسيب بن واضح قال حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي فراس قال : خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال في خطبته : أيها الناس إنما كنا نعرفكم إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، وكان ينزل عليه الوحي وإذ ينبئنا الله تعالى من أخباركم ، ألا فقد مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي ، وإنما نعرفكم بما نقول لكم : من أظهر منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه على ذلك ، ومن أظهر منكم شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه . أسراركم فيما بينكم وبين الله تعالى . ولقد أتى علي زمان وما أرى أحدا يقرأ القرآن يريد به إلا ما عند الله تعالى ،  وقد خيل إلي أن أناسا يقرأون القرآن يريدون به ما عند الناس ، ألا فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم ألا وإني لم أبعث عليكم عمالا ليضربوا أبشاركم ولا ليأكلوا أموالكم . ولكن بعثتم ليحجزوا بينكم ويقسموا فيكم فيئكم ، فمن كانت له قبل أحد منهم مظلمة فليقم . فما قام أحد غير رجل واحد فقال : يا أمير المؤمنين إن عاملك ضربني مائة سوط ، فسأله عمر لم ضربه فاعتل له ، فقال له عمر : قم فاستقد منه ، فقام عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين إنك إن تفتح هذا على عمالك كبر عليهم وكانت سنة يأخذ بها من بعدك ، فقال عمر : أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد من نفسه ، قم فاستقد منه ، فقال له عمرو بن العاص : أو فدعنا إذن فلنرضه ، قال : دونكم فأرضوه . فافتدوا منه بمائة دينار ، قال قلنا لعطاء يعين ابن عجلان : وكيف أقص رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه؟  قال : أقبل من منى يزور البيت حتى إذا كان في بعض الطريق عرض له إنسان ، فكره أن يوطئه فضربه بمخصرته ، فلما طاف بالبيت وصلى قال : يا أيها الناس إني أقبلت من منى فعرض لي إنسان فضربته بمخصرتي ، فإن كان في الناس فليقم . فقام رجل فقال له : أنا ، فقال له رسول لله صلى الله عليه وسلم : استقد فقال : بل أعفو يا رسول الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية