يرد على مفاخر اليمنية خالد بن صفوان
حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن يعقوب بن داود قال حدثنا قال : كان الهيثم بن عدي يعجبه السمر ومنازعة الرجال ، فحضره ذات ليلة في سمره أبو العباس إبراهيم بن مخرمة الكندي وناس من بني الحارث بن كعب ، وهم أخواله ، وخالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضر واليمن ، فقال إبراهيم : يا أمير المؤمنين إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا ، وكانت لهم القرى ، ولم يزالوا ملوكا أربابا ، ورثوا ذلك كابرا عن كابر وأولا عن آخر ، منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة ، ومنهم من حمت لحمه الدبر ، ومنهم ومنهم غسيل الملائكة ، ومنهم مكلم الذئب ، ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا ، وليس شيء له خطر إلا وإليهم ينسب : من فرس رائع ، أو سيف قاطع ، أو درع حصينة ، أو حلة مصونة ، أو درة مكنونة ، من اهتز لموته العرش ،
[ ص: 432 ] إن سئلوا أعطوا ، وإن سيموا أبوا ، وإن نزل بهم ضيف قروا ، لا يبلغهم مكاثر ، ولا ينالهم مفاخر ، هم العرب العاربة وغيرهم المتعربة . قال ما أظن أبو العباس : التميمي يرضى بقولك ، ثم قال : ما تقول يا خالد؟ قال : إن أنت أذنت لي في الكلام وأمنتني من الموجدة تكلمت ، قال : قد أذنت لك فتكلم ولا تهب أحدا ، فقال : أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم بغير علم ، ونطق بغير صواب ، فكيف يكون ما قال؟ القوم ليست لهم ألسن فصيحة ، ولا لغة صحيحة ، ولا حجة نزل بها كتاب ، ولا جاءت بها سنة ، وهم منا على منزلتين : إن جاروا عن قصدنا أكلوا ، وإن جازوا حكمنا قتلوا ، يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي عليه ، ونفخر عليهم بخير الأنام ، وأكرم الكرام ، محمد عليه السلام ، ولله عز وجل علينا المنة به وعليهم ، لقد كانوا أتباعه فبه عزوا وله أكرموا ، فمنا النبي المصطفى ، ومنا الخليفة المرتضى ، ولنا البيت المعمور والمسعى وزمزم والمقام والمنبر والركن والحطيم والمشاعر والحجابة والبطحاء ، مع ما لا يخفى من المآثر ، ولا يدرك من المفاخر ، وليس يعدل بنا عادل ، ولا يبلغ فضلنا قول قائل . ومنا الصديق والفاروق والوصي وذو الجناحين وسيف الله ، عرفوا الدين وأتاهم اليقين ، فمن زاحمنا زحمناه ، ومن عادانا اصطلمناه . ثم التفت فقال : أعالم أنت بلغة قومك؟ قال : نعم . قال : فما اسم العين؟ قال : الجحمة قال : فما اسم السن؟ قال : الميزم . قال : فما اسم الأذن؟ قال : الصنارة ، قال : فما اسم الأصابع؟ قال الشناتر ، قال : فما اسم الأذن؟ قال : الزب ، قال : فما اسم الذئب؟ قال : الكتع ، قال فقال له : أفمؤمن أنت بكتاب الله تعالى؟ قال : نعم ، قال : فإن الله تعالى يقول : وأسد الله سيد الشهداء ، إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وقال : بلسان عربي مبين وقال : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل؛ ألم تر أن الله عز وجل قال : والعين بالعين ولم يقل : الجحمة بالجحمة . وقال : والسن بالسن ولم يقل: الميزم بالميزم وقال جل اسمه والأذن بالأذن ولم يقل الصنارة بالصنارة . وقال : يجعلون أصابعهم في آذانهم ولم يقل شناترهم في صناراتهم وقال تعالى : لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولم يقل لا تأخذ بزبي . وقال : فأكله الذئب ولم يقل فأكله الكتع . ثم قال : أسألك عن أربع إن أنت أقررت بهن قهرت وإن جحدتهن كفرت . قال : وما هن؟ قال : الرسول منا أو منكم؟ قال : منكم ، قال : والقرآن نزل علينا أو عليكم؟ قال : عليكم ، قال : فالبيت الحرام لنا أو لكم؟ قال : لكم ، قال : فالخلافة فينا أو فيكم؟ قال فيكم . قال خالد فما كان بعد هذه الأربع فلكم .
[ ص: 433 ]