الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تفسير ما تقدم

قال أبو عبيدة : قوله : بلغ السيل الزبى  فإنها زبى الأسد التي تحفر له ، وإنما جعلت مثلا في بلوغ السيل إليها لأنها إنما تجعل في الروابي من الأرض ، ولا تكون في المنحدر ، وليس يبلغها إلا سيل عظيم .

قال القاضي أبو الفرج رحمه الله : وقوله : وجاوز الحزام الطبيين يعني قد اضطرب من شدة السير حتى خلف الطبيين من اضطرابه ، يضرب هذا المثل للأمر الفظيع الفادح الجليل : وأما قوله :


فإن كنت مأكولا فكن خير آكل وإلا فأدركني ولما أمزق

فإن هذا بيت تمثل به لشاعر من عبد القيس جاهلي يقال له الممزق ، وإنما سمي ممزقا لبيته هذا ، وقال الفراء الممزق .

قال القاضي أبو الفرج : ومن الزبية التي هي مصيدة الأسد قول الطرماح بن حكيم :


يا طيء السهل والأجبال موعدكم     كمبتغى الصيد أعلى زبية الأسد

وقال الراجز :

[ ص: 449 ]

قد كنت في الأمر الذي قد كيدا     كاللذ تزبى زبية فاصطيدا

اللذ : لغة في الذي . ومن العرب من يقول اللذ بكسر الذال من غير إثبات ياء كما قال الشاعر :


واللذ لو يكنى لكانت برا     أو جبلا أشم مشمخرا

ويقال من هذه اللغة يعني الذ مسكنة الذال ، في المؤنث اللت ، قال الشاعر :


فقل للت تلومك إن نفسي     أراها لا تعلل بالنمير

والزبية على ما بينا لا تتخذ إلا في قلة رابية أو رأس قلعة أو هضبة ، قال العجاج : وقد علا السيل الزبى فلا غير أي جل الأمر عن التلافي والإصلاح للتغيير ، وقيل إن الغير هاهنا الديات ، والمعنى لكثرة القتل . ومن الغير بمعنى الديات قول هدبة بن الخشرم :


لنجدعن أنوفا من أنوفكم     بني أمية أن لا تقبلوا الغيرا

والعرب تقول في شدة الأمر وتفاقمه واستشراء الشر وتعاظمه : قد علا الماء الزبى ، وانقد في البطن السلى ، وبرح الخفا ، وحلت الحبا ، وبلغ السكين العظيم ، والتقت حلقتا البطان ، وهو مضارع لقولهم : بلغ الحزام الطبيين ، قال أوس بن حجر :


وازدحمت حلقتا البطان بأق     وام وطارت نفوسهم جزعا

ومن أفصح ما أتى في هذا المعنى ما جاء القرآن به وذلك قوله عز وجل : والتفت الساق بالساق وقال الشاعر :

وقامت الحرب بنا على ساق

والطبيان تثنية طبي وجمعه أطباء ، ويقولون : التقت حلقتا البطان والحقب ، ومنه :

اشدد بمثنى حقب حقواها

ويقال حقب البعير إذا صار الحزام في الحقب ، قال الشاعر :


إذا ما حقب جال     شددناه بتصدير

والأطباء موضع الثدي من السباع ، ويقال لذلك الموضع من ذوات الخف والظلف أخلاف والواحد خلف ، قال ابن عبدل :


وأحلب الثرة الصفي ولا     أجهد أخلاف غيرها حلبا

التالي السابق


الخدمات العلمية