الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
شرح وتوضيح

قال القاضي : قول ابن محكان ذات أندية : ذكر جمهور أهل العلم أن جمع الندى ،  أنداء على أفعال وأنه الباب في هذا النوع من المقصور ، وأن الباب في الممدود من جنسه على أفعلة ومنه حشا وأحشاء وطلا وأطلاء وأما الممدود فمنه عطاء وأعطية وخلاء وأخلية وقباء وأقبية ، ألا ترى أنهم يقولون هوى في هوى النفس مقصور ويجمعونه أهواء ، قال الله تعالى ذكره : واتبعوا أهواءهم وقالوا في جمع هواء الجو الممدود أهوية ، وأن أندية في بيت ابن محكان شذ عن القياس . وزعم بعضهم أن أندية في هذا البيت جمع ناد وهو المجلس ، وأن المعنى أنهم كانوا يجلسون في النادي يصطلون عند شدة البرد ، وأن ذلك بمنزلة قولهم واد وأودية ، وقيل إنه جمع ندي وهو مثل النادي ، وأنكر هؤلاء جمع الندى الذي هو في معنى الطل أندية . وقد زعم الفراء في قول الله تعالى : وأحسن نديا أن الندي تجمع أندية والنادي نوادي القوم ، وقال : ولو جمعت الندى نوادي والنادي أندية كان صوابا لأن معناهما واحد .

[ ص: 452 ] قال القاضي أبو الفرج : يتجه صرف الأندية في بيت ابن محكان إلى وجه يطرد في القياس جمعه على أفعلة لكن المعنى الظاهر أنه عنى به يبطل أو يتشعث ، والذي عندي في هذا أنهم جمعوا الندى بمعنى الطل أنداء على أصله وقياسه ذو أندية على الشذوذ وإدخاله في غير بابه ، كما قالوا في جمع رحى أرحاء على القياس وأرحية على الشذوذ ، والباب في الجمع أحد الأبواب التي أخرج على القياس وأرحية على الشذوذ ، والباب في الجمع أحد الأبواب التي أخرج كثير منها عن أصل قياسه وألحق بغير بابه . ومن الأندية بمعنى المجالس قول الشاعر :


يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب

التأويب : سير النهار ، والسرى : سير الليل ، والإساد : سير الليل والنهار ، هذا قول محققي أهل اللغة في هذه الفصول التي ذكرناها في هذا الباب من الجمع . وقد استقصينا القول فيها وفيما يضارعها وفي البيت الذي أنشدناه في بيت ابن محكان في موضع غير هذا ، وأتينا فيهما بما لم نر لإعادته في هذا الموضع وجها ، وقد روينا خبرا في هذه القصة وفيها أبيات لابن محكان عدة وفي أولها :


يا ربة البيت قومي غير صاغرة     ضمي إليك رجال القوم والقربا

ولعلنا أن نورد هذه الرواية فيما بعد إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية