الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تحول أبي العتاهية من الغزل إلى الزهد  

حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد الشرابي قال حدثنا حسن بن عليل الغنوي قال حدثنا أبو مالك اليمامي محمد بن موسى بن يحيى بن يزيد النجار ، قال حدثني داود بن يحيى بن عيسى بن النجار بن زياد بن النجار ، قال : صحبت أبا العتاهية في طريق مكة فترافقنا فأنشدته يوما بيتا فضحك ، والشعر :


اخلع عذارك فيما تستلذ به واجسر فإن أخا اللذات من جسرا     واحفظ خليلك لا تغدر به أبدا
لا بارك الله في من خان أو غدرا

والشعر لأبي العتاهية ، فقال لي : يا داود هل معك من شعري في عتبة شيء؟ قلت : نعم ، قال : أرنيه ، قال : فأخرجته فنظر إليه فجعل يلوي رأسه ، فلما مر هذا البيت :


فالليل أطول من يوم الحساب على     عين الشجي إذا ما نومه نفرا

قال : فجعل يحرك رأسه ويقول : يا أبا العتاهية ليس لك والله علم بيوم الحساب ، قال ثم قال : علي بنار ، فأخذ الكتب فأحرقها وقال لي : عليك بما هو خير من هذا ، فأخرج كتابا فيه مكتوب :


ألا هل منيب إلى ربه     فيستغفر الله من ذنبه

[ ص: 505 ]

على أن في بعض أحواله     حوادث يخبرن عن قلبه
فلم أر كالميت في أهله     يحب ويهرب من قربه
يحب محبوه إبعاده     وهم مجمعون على حبه

وقال لي : اكتب فكتبت ، وأملى علي :


لا تكذبن فإنني     لك ناصح لا تكذبنه
واعمل لنفسك ما استطع     ت فإنها نار وجنه
واعلم بأنك في زما     ن مشبهات هن هنه
صار التواضع بدعة     فيه وصار الكبر سنه

التالي السابق


الخدمات العلمية