حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: قال لي أبو العباس محمد بن يزيد المبرد الثمالي: كان يعادي الأصمعي عباس بن الأحنف، فقال عباس يوما وهو بين يدي الرشيد والأصمعي بالحضرة:
إذا أحببت أن تع مل شيئا يعجب الناسا فصور ها هنا فوزا
وصور ثم عباسا ودع بينهما فترا
فإن زدت فلا باسا فإن لم يدنوا حتى
ترى رأسيهما راسا فكذبها بما قاست
وكذبه بما قاسا
إذا أحببت أن تب صر شيئا يعجب البشرا
فصور ها هنا قمرا وصور ها هنا عمرا
فإن لم يدنوا حتى ترى بشريهما بشرا
فكذبها بما ذكرت وكذبه بما ذكرا
إذا أحببت أن تع مل شيئا يعجب الخلقا
وتسمع صوت معشو قين لاقى في الهوى ربقا
فصور ها هنا زورا وصور ها هنا فلقا
فإن لم يدنوا حتى ترى خلقيهما خلقا
فكذبها بما لاقت وكذبه بما يلقى
تعليق نحوي
قال القاضي: هكذا رواه لنا الكوكبي. فصور ها هنا فوزا بالصرف، وترك الصرف أعلى، الزجاج لا يجيز صرف شيء من الأسماء المؤنثة إلا في ضرورة الشعر، وكان جميع من تقدم من النحاة يجيز في مثل هند ودعد، وما كان وسطه من أسماء المؤنث ساكنا ويختارون ترك الصرف في غير الشعر. وكان
وقوله: حتى ترى رأسيهما رأسا، ثنى الرأس في اللفظ، والفصيح فيه وفيما كان في الجسد منه واحد أن يؤتى به على لفظ الجميع في تثنيته وجمع، قال الله تعالى: فقد صغت قلوبكما واللغة الأخرى معروفة ويبين ذلك قول أبي ذؤيب:
فتخالسا نفسيهما بنوافذ كنوافذ العبط التي لا ترقع
من لم يمت عبطة يمت هرما للموت كأس والمرء ذائقها
أنشدنا ابن دريد، قال: أنشدني أبو حاتم، عن أبي عبيدة:
لي صاحب ليس يخلو لسانه عن جراحي
يجيد تمزيق عرضي على طريق المزاح