الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بعض أخبار الخناقين

ومن عجيب ما بلغنا من أخبارهم ما حدثناه الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني أبو العباس الهروي أحمد بن محمد قال أخبرني سهل بن صالح الأصبهاني الكاتب قال: أخذ النخشبي بالبصرة رجلا يخنق الناس ولا يسلبهم ثيابهم فقال له : ويلك ولم تفعل هذا؟ إذا كنت لا ترغب في ثياب الرجل وماله فلم تقتله؟ فقال له : ويلك أما أول ذلك فإني ألحق المخلوق بالخالق ، والثانية أن هذه الأرواح محتبسة في هذه الأجساد فأخلصها تلحق بالهيولى والصفا ، قال : فلم لا تخلص نفسك أنت؟ قال : أخلص مائة نفس أحب إلي من أن أخلص نفسا واحدة ، على أن نفسي لا بد لها من مخلص ، ونفسي نفس طاهرة وأنفس هؤلاء قذرة ، وأيضا يخف عنا السفل ولا يزاحمونا في الأمور ، ويطيب الهواء وتتسع الديار وينقطع الغبار . وبعد فكل من كان من أهل الخير ألحقته بالخير الذي له في الآخرة ، وأيضا [ ص: 520 ] إن كان الإنسان في هذه الدنيا في ضيق أرحته منه ، وإن كان فاسد الكيموس أرحته ، وإن كان سفلة أرحت الكرام من معاشرته ، فأمر بضرب عنقه   .

قال القاضي رحمه الله : في هذا الخبر السفل وسفلة على كلام العامة ، والصواب : فلان من السفلة .

أبو شاكر الديصاني

وقد حكي لنا عن أبي شاكر الديصاني والديصانية ضرب من الثنوية أنه اشترى كارة دقيق وحملها على رأس رجل شيخ ، فلما صار إلى داره سأل الحمال عن سنه ورأى ضعف جسمه ، فأخبره بسن عالية ، وسأله عن عياله ومعيشته فذكر له سوء حاله وكثرة عياله ، فقال : لقد رحمتك ورققت لك ، وأريد أن أذبحك وأميط الشقاء عنك ، فأضجعه فذبحه . ونحن نعوذ بالله من الخذلان ونسأله أن يوفقنا لما وفق له أولياءه من أهل الإيمان . وقد كان من المهدي ما يجازيه الله تعالى بحسن نيته فيه ويجزل مثوبته عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية