حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار قال حدثنا إبراهيم بن راشد بن سليمان الأدمي قال حدثنا عبد الله بن عثمان الثقفي قال حدثنا مولى المفضل بن فضالة رضي الله عنه عن عمر بن الخطاب عن محمد بن سيرين قال : عبيدة السلماني بني كنة ، أحدهما متزوج والآخر عزب ، فقضى أن المتزوج خرج في بعض ما يخرج الناس فيه ، وبقي الآخر مع امرأة أخيه ، فخرجت ذات يوم حاسرة فإذا أحسن الناس وجها وأحسن الناس ثغرا ، فلما علمت أن قد رآها ولولت وصاحت وقالت بمعصمها فغطت وجهها قال القاضي : المعصم موضع السوار فزاده ذلك فتنة ، فحمل الشوق على بدنه حتى لم يبق إلا رأسه وعيناه تدوران في رأسه ، وقدم الأخ فقال : يا أخي ما الذي أرى بك؟ فاعتل عليه فقال : الشوثة قال : الشوصة يسميها العرب اللوي وذات الجنب فقال له ابن عم له : لا تكذبنه ، ابعث إلى الحارث بن كلدة فإنه من أطب العرب ، فجيء به فلمس عروقه فإذا ساكنها ساكن وضاربها ضارب ، فقال : ما بأخيك إلا العشق ، فقال : سبحان الله تقول هذا لرجل ميت ، قال : هو ذاك ، عندكم شيء من شراب؟ فجيء به ودعا بمسعط فصب فيه وحل صرة من صراره فذر فيه ثم سقاه ، ثم سقاه الثانية ثم سقاه الثالثة ، فانتشى يغني سكرا فقال :
تهيد ما تهيج ويذكر أيها القلب الحزين ما يكوننه
[ ص: 546 ]ألما بي على الأبيا ت من خيف أزرهنه
غزالا ما رأيت الي وم في دور بني كنه
غزال أحور العين وفي منطقه غنه
أيها الجيرة اسلموا كي تحيوا وتكرموا
خرجت مزنة من البح ر ريا تحمحم
هي ما كنتي وتز عم أني لها حمو
خبر الأخوين من بني كنة برواية أخرى
قال القاضي : قد روي هذا الخبر من غير هذه الطريق وفي بعض ألفاظه اختلاف ، فرأيت تكرار جملته لتكمل الفائدة ، ولا يفوت منه شيء ، وما يتكرر من اقتصاصه لا ضرر فيه : حدثنا أبي رضي الله عنه قال ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سهل الرازي قال حدثنا قال ، حدثني عمي سعيد بن يحيى الأموي محمد بن سعيد ، قال حدثنا قال : كان أخوان من عبد الملك بن عمير ثقيف من بني كنة بينهما من التبار والتحاب شيء لا يعلمه إلا الله ، كل واحد منهما أخوه عند رأسه ، وإن الأكبر خرج إلى سفر وله امرأة ، فأوصى أخاه بحاجة أهله ، فبينا المقيم في دار الظاعن إذ مرت امرأة أخيه ، وكانت من أجمل البشر ، تجوز من بيت إلى بيت ، فرآها فرأى شيئا مختلفا ، فلما رأته ولولت ووضعت يدها على رأسها ودخلت بيتا ، فوقع حبها في قلبه ، فجعل يذوب وينحل جسمه وتغير لونه ، وقدم أخوه وقال : يا أخي ما لي أراك هكذا؟ وما وجعك؟ قال : ما بي وجع ، فدعا الأطباء فلم يقع أحد على دائه ، حتى أتي الحارث بن كلدة وكان طبيبا فقال : أرى عينين صحيحتين وما أدري ما هذا الوجع ، وما أظنه إلا عاشقا ، فقال أخوه : سبحان الله ، أسألك عن وجع أخي وأنت تستهزئ بي؟! قال : ما فعلت ، وسأسقيه شرابا عندي ، فإن [ ص: 547 ] كان عاشقا فسيستبين لكم ، فأتى بشراب فجعل يسقيه قليلا قليلا كما يزق الفرخ ، فلما أخذ الشراب منه تهيج فتكلم فقال :
ألما بي على الأبيا ت بالخيف أزرهنه
عزالا ما رأيت الي وم في دور بني كنه
أسيل الخد مربوب وفي منطقه غنه
أيها الجيرة أسلموا وأربعوا كي تكلموا
وتقضى لبانة وتحيوا فتغنموا
خرجت مزنة من البح ر ريا تحمحم
هي ما كنتي وتز عم أني لها حمو