المجلس الحادي والثمانون
أسئلة للرسول أبي ذر
حدثنا علي بن محمد بن أحمد البصري قال: حدثنا الفضل بن جعفر بن همام أبو العباس البصري قال: حدثنا عبد الله بن سعيد القيسي قال: حدثنا يحيى بن سعيد السعدي قال
[ ص: 608 ] حدثنا عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عبيد بن عمير الليثي عن قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهو جالس وحده، فاغتنمت خلوته، فقال يا أبي ذر أبا ذر ثم التفت إليه فقلت: يا رسول الله أنت أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقل ومن شاء أكثر، قلت: يا رسول الله إن للمسجد تحية، قلت: ما تحيته يا رسول الله؟ قال: ركعتان، فركعتهما قال: الإيمان بالله، ثم الجهاد في سبيل الله، قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال: أحسنهم خلقا، قلت: يا رسول الله فأي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، قلت: فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر السوء، قلت: فأي الليل أفضل؟ قال: جوف الليل العابر، قلت: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، قال: جهد من مقل إلى فقير في سر، قلت: فما الصوم؟ قال: قرض مجزي، وعند الله أضعاف كثيرة، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها، قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: من عقر جواده وهريق دمه، قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: آية الكرسي. ثم قال: يا أبا ذر، ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة؛ قلت: أي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، قلت: يا رسول الله، كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، جم الغفير، قلت: يا رسول الله، كم النبيون؟ قال: من كان أول الأنبياء؟ آدم، قلت: وكان من الأنبياء مرسلا؟ قال: نعم نبيا مكلما خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه. ثم قال: يا أربعة من الأنبياء، سريانيون: أبا ذر، آدم وشيث وإدريس وهو أول من خط بالقلم ونوح، وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، موسى وآخرهم وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل عيسى صلى الله عليهما، وبينهما ألف نبي، قلت: قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل على شيث خمسين صحيفة، وعلى يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من كتاب؟ إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، قلت: قال: أمثال كلها: أيها الملك المبتلى المغرور، لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا أن تكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر بما صنع، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال فإن في هذه الساعة عونا لتلك الساعات استجماما للقلوب وتفريغا لها، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شانه، حافظا للسانه، فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا في ما يعنيه. وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزودا لمعاد، أو تلذذا في [ ص: 609 ] غير محرم. قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم؟ موسى؟ قال: كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم يفرح، ولمن أيقن بالنار ثم يضحك، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها، ولمن أيقن بالقدر كيف ينصب، ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل. قلت: يا رسول الله، هل في الدنيا مما أنزل الله عليك شيء مما كان في صحف يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا تقرأ أبا ذر، قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى قلت: يا رسول الله، أوصني، قال: قلت: يا رسول الله زدني، قال: أوصيك بتقوى الله فإنه زين لأمرك كله، قلت: زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض، قلت: زدني، قال: عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك، قلت: زدني، قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه، قلت: زدني، قال: قل الحق، وإن كان مرا، قلت: زدني، قال: لا تخف في الله لومة لائم، قلت: زدني، قال: ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك؛ ولا تجد عليهم في ما تأتي. ثم قال: كفى بالمرء عيبا أن تكون فيه ثلاث خصال: أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحيي لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه في ما لا يعينه، ثم قال: يا حب المساكين وجالسهم، لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق. أبا ذر،