حدثنا إبراهيم بن محمد الأزدي عن ابن أخت أبي الوزير عن المدائني قال: خطب الناس بعرفة فقال، بعد أن حمد الله وأثنى عليه: أيها الناس إنكم قد جئتم من القريب والبعيد، وأنضيتم الظهر، وأخلقتم الثياب، وليس السابق اليوم من سبقت راحلته أو دابته، ولكن السابق اليوم من غفر له. عمر بن عبد العزيز
قال القاضي: أي: اشتد سيركم عليه، فكل وضمر لأنكم جهدتموه وهزلتموه فصار نضوا، يقال: هو نضو، في الذكر والأنثى والجمع، وقد يقال: للأنثى نضوة وجمعها نضوات وأنشدوا: قوله: " أنضيتم الظهر "
وروضة سقيت منه نضوتي
[ ص: 655 ] والروضة ما يبقى من الماء في الحوض. ويقال: حمل نضو، وجمعه أنضاء. وقد زعم بعض اللغويين أنه يقال: نضوت الظهر كما يقال: نضا ثوبه إذا نزعه ينضوه نضوا، ومن ذلك قول امرئ القيس:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل
وقال من ذهب إلى هذا: إنه يقال نضا الرجل ثوبه إذا نزعه، ونضوته عنه إذا ألقيته عنه، فكأن الذي جهد راحلته وكدها حتى هزلها أو أرذاها نزع عنها ما كان لها من سمن وقوة، ويقال: راحلة مهزولة وهزيل مثل مقتولة وقتيل، وإذا سقطت من إتعابك لها وعنفك بها وشدة سيرك عليها فقد أرذيتها، وهي رذية، كما قال الشاعر:
يا رب ملك قد تركت رذية تقلب عينيها إذا طار طائر
وتجمع رذايا كما قال الإيادي:
رذايا كالبلايا أو كعيدان من القضب
ومن كلامهم: أتت الرذايا تحمل البلايا، والقضب الرطبة، قال الله تعالى ذكره: فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا .