قال القاضي: الشرقي في شمر يرعش " ميمون النقيبة مغضور الناصية " وصفه باليمن والبركة مع خلوص الحرية وكرم النجر والشيمة، يقال للأرض الحرة الطين الطيبة الترب غضراء، ومنه غضارة العيش وغضارة النعمة، ومنه اشتق اسم قول غاضرة من بني أسد، ويروى بيت توبة بن الحمير:
أبيني لنا لا زال ريشك ناعما ولا زلت في غضراء غض نضيرها
على وجهين: غضراء وخضراء. وقوله " لا يمنع " بمعنى لا يرد ولا يدفع، وقوله " مدى في دونه تنجذ التجارب ذا الحجى " معنى تنجذه: تحكمه وتقر عقله وحلمه، والنواجذ الأضراس واحدها ناجذ، وفيها ناجذ ينبت عند تناهي الشباب ومقاربة التكهل يقال له ضرس الحلم، وتسميه العامة ضرس العقل، قال سحيم بن وثيل:
وماذا يدري الشعراء مني وقد جاوزت حد الأربعين
أخو خمسين مجتمع أشدي ونجذني مجاورة الشؤون
كسر نون الجمع في " الأربعين " لتتفق حركات الإطلاق في قوافيه، وهي لغة ضعيفة جارية في شذوذها مجرى فتح نون الاثنين كقول الشاعر:
على أحوذيين استقلت ركابها فما هي إلا لمحة فتغيب
وقد يقال في الناب ناجذة. وقول بني شمر " الجلوس على الخسف " معناه الهوان والمذلة، وفيه لغتان: الخسف والخسف، قال الراجز يصف النبي صلى الله عليه وسلم:
إن سيم خسفا وجهه تربدا
في إعراب هذا البيت وجهان: أحدهما أن يكون سيم فعلا فارغا لقوله وجهه، ووجهه مرفوع لأنه لم يسم فاعله، والتقدير فيه: إن سيم وجهه خسفا، وهذا من الباب الذي يقال فيه فعلت هذا لوجهك أي لك، والوجه الثاني أن يكون في سيم ضمير هو اسم للنبي صلى الله عليه وسلم أي: سيم بمعنى إن سيم رسول الله صلى الله عليه وسلم خسفا، وقوله تربدا ابتداء، وخبر جملته جواب الشرط " وهو إن سيم ". كأنه قال إن سيم رسول الله صلى الله عليه وسلم خسفا تربد وجهه أي تنكر، وأبى أنفا وحمية وغضبا. وقول شمر: " الآن أسمحت للموت قرونتي " أي: طابت [ ص: 664 ] به نفسي واستسهلته، يقال: سمحت بالشيء وأسمحت قال ابن مقبل:هل القلب عن دهماء سال فمسمح وتاركه منها الخيال المبرح
بانت وقد أسأرت في النفس حاجتها بعد ائتلاف، وخير الود ما نفعا