الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 149 ] قالوا : فماذا يكون أعظم من هذا برهانا ، وأقوى شهادة ، إذ هذه كتب أعدائنا المخالفين لديننا ، وهم يقرون بذلك ويقرءونه في كنائسهم ، ولم ينكروا منه كلمة واحدة ولا حرفا واحدا .

والجواب : أن الأمر إذا كان على ما قالوه من ثبوت هذه الكلمات عن بعض الأنبياء فليس فيها مدح لدينهم بعد التبديل ، فكيف بعد النسخ والتبديل ؟ وإنما فيها إخبار بزوال ملك بني إسرائيل ، وبنسخ ما نسخ من شرعهم بمجيء المسيح - عليه السلام - ، وهذا دليل على نبوة المسيح وصدقه وهذا مما اتفق عليه المسلمون .

والمسيح - عليه السلام - عندهم كما أخبر الله عنه ، بقوله - تعالى - لمريم :

إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين .

[ ص: 150 ] وأما قولهم : إن هذا وغيره موجود في كتب أعدائنا اليهود .

فيقال لهم لا ريب أن اليهود يخالفونكم في تفسير الكتب ، فأنتم تفسرونها بشيء ، وهم يفسرونها بشيء آخر وقد يكون كلا التفسيرين باطلا وحينئذ فيقال لكم كما أن كتب الأنبياء شاهدة للمسيح ولدينه وإن خالفتكم اليهود في تفسيرها ، فكذلك هي شاهدة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته ، وإن خالف أهل الكتاب في تفسيرها كما قد بين الله في كتب الأنبياء صفة محمد وأمته في غير موضع .

والواجب في الكتب إذا تنازعت الأمم في تفسيرها أن يبين الحق الذي يقوم عليه الدليل الشرعي والعقلي ، وحينئذ تبين أنكم فسرتم كتب الله بأشياء تخالف مراد الله في أمر التثليث والاتحاد وغيره ، كما فعلت اليهود بتفسير الكتب ، كما قد بسط في غير هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية