باب
nindex.php?page=treesubj&link=23393_1566_1530قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة قال أصحابنا جميعا رحمهم الله : يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة في كل ركعة من الأوليين ، فإن ترك قراءة فاتحة الكتاب ، وقرأ غيرها فقد أساء ، ويجزيه صلاته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس : إذا لم يقرأ أم القرآن في الركعتين أعاد وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أقل ما يجزي فاتحة الكتاب ، فإن ترك منها حرفا وخرج من الصلاة أعاد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : روى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
خيثمة عن
عباد بن ربعي ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وآيتين فصاعدا .
وروى
ابن علية عن
الجريري عن
ابن بريدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، قال : لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وآيتين فصاعدا وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن القراءة في كل ركعة ، قال : اقرأ منه ما قل أو كثر وليس من القرآن شيء قليل وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي أن من نسي قراءة فاتحة الكتاب وقرأ غيرها لم يضر ، وتجزيه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم عن
الوليد بن يحيى أن
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد قام يصلي ذات يوم فقرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مدهامتان ثم ركع قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين في أنها لا تجزي إلا بفاتحة الكتاب وآيتين محمول على جواز التمام لا على نفي الأصل ؛ إذ لا خلاف بين الفقهاء في جوازها بقراءة فاتحة الكتاب وحدها .
والدليل على جوازها مع ترك الفاتحة ، وإن كان مسيئا ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ومعناه قراءة الفجر في صلاة الفجر ، لاتفاق المسلمين على أنه لا فرض عليه في القراءة وقت صلاة الفجر إلا في الصلاة ؛ والأمر على الإيجاب حتى تقوم دلالة الندب ، فاقتضى الظاهر جوازها بما قرأ فيها من شيء ؛ إذ ليس فيه تخصيص لشيء منه دون غيره .
ويدل عليه أيضا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن والمراد به القراءة في الصلاة بدلالة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن ولم تختلف الأمة أن ذلك في شأن الصلاة في الليل .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن عموم عندنا في صلاة الليل وغيرها من النوافل والفرائض لعموم اللفظ ويدل على أن المراد به جميع الصلاة من فرض ونفل حديث
[ ص: 21 ] nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ورفاعة بن رافع في
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715تعليم النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي الصلاة حين لم يحسنها فقال له : ثم اقرأ ما تيسر من القرآن .
وأمره بذلك عندنا إنما صدر عن القرآن ؛ لأنا متى وجدنا للنبي صلى الله عليه وسلم أمرا يواطئ حكما مذكورا في القرآن وجب أن يحكم بأنه إنما حكم بذلك عن القرآن ، كقطعه السارق وجلده الزاني ونحوها ثم لم يخصص نفلا من فرض فثبت أن مراد الآية عام في الجميع فهذا الخبر يدل على جوازها بغير فاتحة الكتاب من وجهين :
أحدهما : دلالته على أن مراد الآية عام في جميع الصلوات .
والثاني أنه مستقل بنفسه في جوازها بغيرها ، وعلى أن نزول الآية في شأن صلاة الليل لو لم يعاضده الخبر لم يمنع لزوم حكمها في غيرها من الفرائض والنوافل من وجهين :
أحدهما : أنه إذا ثبت ذلك في صلاة الليل فسائر الصلوات مثلها ، بدلالة أن الفرض والنفل لا يختلفان في حكم القراءة ، وأن ما جاز في النفل جاز في الفرض مثله ، كما لا يختلفان في الركوع والسجود وسائر أركان الصلاة فإن قال قائل : هما مختلفان عندك ؛ لأن القراءة في الأخريين غير واجبة عندك في الفرض ، وهي واجبة في النفل إذا صلاها قيل له : هذا يدل على أن النفل آكد في حكم القراءة من الفرض ، فإذا جاز النفل مع ترك فاتحة الكتاب فالفرض أحرى أن يجوز .
والوجه الآخر : أن أحدا لم يفرق بينهما ، ومن أوجب فرض قراءة فاتحة الكتاب في أحدهما أوجبها في الآخر ، ومن أسقط فرضها في أحدهما أسقطه في الآخر فلما ثبت عندنا بظاهر الآية جواز النفل بغيرها وجب أن يكون كذلك حكم الفرض فإن قال قائل : فما الدلالة على جواز تركها بالآية ؟
قيل له : لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن يقتضي التخيير ، وهو بمنزلة قوله : اقرأ ما شئت ألا ترى أن من قال لرجل : بع عبدي هذا بما تيسر ، أنه مخير له في بيعه له بما رأى .
وإذا ثبت أن الآية تقتضي التخيير لم يجز لنا إسقاطه والاقتصار على شيء معين وهو فاتحة الكتاب ؛ لأن فيه نسخ ما اقتضته الآية من التخيير فإن قال قائل : هو بمنزلة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فما استيسر من الهدي ووجوب الاقتصار به على الإبل والبقر والغنم مع وقوع الاسم على غيرها من سائر ما يهدى ويتصدق به فلم يكن فيه نسخ الآية .
قيل له : إن خياره باق في ذبحه أيها شاء من الأصناف الثلاثة ، فلم يكن فيه رفع حكمها من التخيير ولا نسخه ، وإنما فيه التخصيص ، ونظير ذلك ما لو ورد أثر في قراءة آية دون ما هو أقل منها لم يلزم منه نسخ الآية ؛ لأن خياره باق في أن يقرأ أيها شاء من آي
[ ص: 22 ] القرآن فإن قال قائل : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن يستعمل فيما عدا فاتحة الكتاب ، فلا يكون فيه نسخ لها ، قيل له : لا يجوز ذلك من وجوه :
أحدها : أنه جعل الأمر بالقراءة عبارة عن الصلاة فيها ، فلا يجوز أن تكون عبادة إلا وهي من أركانها التي لا تصح إلا بها .
الثاني : أن ظاهره يقتضي التخيير في جميع ما يقرأ في الصلاة ، فلا يجوز تخصيصه في بعض ما يقرأ فيها دون غيرها .
الثالث : أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر أمر ، وحقيقته ومقتضاه الواجب ، فلا يجوز صرفه إلى الندب من القراءة دون الواجب منها ، ومما يدل على ما ذكرنا من جهة الأثر ما حدثنا
محمد بن بكر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، قال : حدثنا
مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد عن
إسحاق بن أبي طلحة عن
علي بن يحيى بن خلاد عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=655782أن رجلا دخل المسجد فصلى ، ثم جاء فسلم على النبي عليه السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال له : ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع الرجل فصلى كما كان يصلي ثم جاء إلى النبي عليه السلام فرد عليه ، ثم قال له : ارجع فصل فإنك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث مرات فقال عليه السلام : إنه لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ، ثم يكبر ويحمد الله تعالى ويثني عليه ، ويقرأ بما شاء من القرآن ، ثم يقول : الله أكبر ، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله وذكر الحديث .
وحدثنا
محمد بن بكر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد عن
عبد الله ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=655782أن رجلا دخل المسجد فصلى ، ثم جاء فسلم ، وذكر نحوه ، ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع وذكر الحديث قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قال في الحديث الأول : " ثم اقرأ ما شئت " وفي الثاني : " ما تيسر " فخيره في القراءة بما شاء .
ولو كانت قراءة فاتحة الكتاب فرضا لعلمه إياها مع علمه بجهر الرجل بأحكام الصلاة ؛ إذ غير جائز الاقتصار في تعليم الجاهل على بعض فروض الصلاة دون بعض ، فثبت بذلك أن قراءتها ليست بفرض وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع ، قال : حدثنا
أحمد بن علي الجزار ، قال : حدثنا
عامر بن سيار ، قال : حدثنا
أبو شيبة إبراهيم بن عثمان حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لا صلاة إلا بقراءة يقرأ فيها فاتحة الكتاب أو غيرها من القرآن . وقد حدثنا
محمد بن بكر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17281وهب بن بقية عن
مخلد عن
محمد بن عمرو عن
علي بن يحيى بن خلاد عن
رفاعة بن رافع بهذه القصة ،
[ ص: 23 ] قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10423إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ وذكر تمام الحديث ، فذكر فيه قراءة أم القرآن وغيرها ، وهذا غير مخالف للأخبار الأخر ؛ لأنه محمول على أنه يقرأ بما تيسر ؛ إذ غير جائز حمله على تعيين الفرض فيها لما فيه من نسخ التخيير المذكور في غيره .
ومعلوم أن أحد الخبرين غير منسوخ بالآخر ؛ إذ كانا في قصة واحدة فإن قال قائل : لما ذكر في أحد الخبرين التخيير فيما يقرأ ، وذكر في الآخر الأمر بقراءة فاتحة الكتاب من غير تخيير ، وأثبت التخيير فيما عداها بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10423وبما شاء الله أن يقرأ بعد فاتحة الكتاب ، ثبت بذلك أن التخيير المذكور في الأخبار الأخر إنما هو فيما عدا فاتحة الكتاب ، وأن ترك ذكر فاتحة الكتاب إنما هو إغفال من بعض الرواة ، ولأن في خبرنا زيادة ، وهو الأمر بقراءة فاتحة الكتاب بلا تخيير .
قيل له : غير جائز حمل الخبر الذي فيه التخيير مطلقا على الخبر المذكور فيه فاتحة الكتاب على ما ادعيت ، لإمكان استعمالهما من غير تخصيص ، بل الواجب أن نقول : التخيير المذكور في الخبر المطلق حكمه ثابت في الخبر المقيد بذكر فاتحة الكتاب ، فيكون التخيير عاما في فاتحة الكتاب وغيرها ، كأنه قال : اقرأ بأم القرآن إن شئت وبما سواها ، فيكون في ذلك استعمال زيادة التخيير في فاتحة الكتاب ، دون تخصيصه في بعض القراءة دون بعض ويدل عليه أيضا ما حدثنا
محمد بن بكر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، قال : حدثنا
إبراهيم بن موسى ، قال : حدثنا
عيسى عن
جعفر بن ميمون البصري ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبو عثمان النهدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619اخرج فناد في المدينة أنه لا صلاة إلا بقرآن ، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد .
وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619لا صلاة إلا بالقرآن يقتضي جوازها بما قرأ به من شيء .
وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619ولو بفاتحة الكتاب فما زاد يدل أيضا على جوازها بغيرها لأنه لو كان فرض القراءة متعينا بها لما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619ولو بفاتحة الكتاب فما زاد ولقال : بفاتحة الكتاب .
ومما يدل على ما ذكرنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=687835أيما صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج عن
العلاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11864أبي السائب مولى
هشام بن زهرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم واختلافهما في السند على هذا الوجه لا يوهنه ؛ لأنه قد روي أنه قد سمع من أبيه ومن
nindex.php?page=showalam&ids=11864أبي السائب جميعا فلما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=914608فهي [ ص: 24 ] خداج والخداج الناقصة ، دل ذلك على جوازها مع النقصان ؛ لأنها لو لم تكن جائزة لما أطلق عليها اسم النقصان ؛ لأن إثباتها ناقصة ينفي بطلانها ؛ إذ لا يجوز الوصف بالنقصان لما لم يثبت منه شيء .
ألا ترى أنه لا يقال للناقة إذا حالت فلم تحمل : إنها قد أخدجت ، وإنما يقال : أخدجت وخدجت ، إذا ألقت ولدها ناقص الخلقة أو وضعته لغير تمام في مدة الحمل ؛ فأما ما لم تحمل فلا توصف بالخداج فثبت بذلك جواز الصلاة بغير فاتحة الكتاب ؛ إذ النقصان غير ناف للأصل ، بل يقتضي ثبوت الأصل حتى يصح وصفها بالنقصان وقد روى أيضا
عباد بن عبد الله بن الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن النبي عليه السلام قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=677345كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فأثبتها ناقصة ، وإثبات النقصان يوجب ثبوت الأصل على ما وصفنا .
وقد روي أيضا عن النبي عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698981إن الرجل ليصلي الصلاة يكتب له نصفها خمسها عشرها فلم يبطل جزء بنقصانها فإن قال قائل : قد روى هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17000محمد بن عجلان عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11864أبي السائب مولى
هشام بن زهرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667160من صلى صلاة ولم يقرأ فيها شيئا من القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام وهذا الحديث يعارض حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة في ذكرهما فاتحة الكتاب دون غيرها ، وإذا تعارضا سقطا ، فلم يثبت كونها ناقصة إذا لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب .
قيل له : لا يجوز أن يعارض
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة بمحمد بن عجلان ، بل السهو والإغفال أجوز عليه منهما ، فلا يعترض على روايتهما به وعلى أنه ليس فيه تعارض ؛ إذ جائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قالهما جميعا ، قال مرة : وذكر فاتحة الكتاب ، وذكر مرة أخرى القراءة مطلقة .
وأيضا فجائز أن يكون المراد بذكر الإطلاق ما قيده في خبر هذين فإن قال قائل : إذا جوزت أن يكون النبي عليه السلام قد قال الأمرين ، فحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17000محمد بن عجلان يدل على جواز الصلاة بغير قراءة رأسا ؛ لإثباته إياها ناقصة مع عدم القراءة رأسا .
قيل له : نحن نقبل هذا السؤال ، ونقول كذلك : يقتضي ظاهر الخبرين ؛ إلا أن الدلالة قامت على أن ترك القراءة يفسدها ، فحملناه على معنى الخبر الآخر قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وقد رويت أخبار أخر في قراءة فاتحة الكتاب يحتج بها من يراها فرضا فمنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11864أبي السائب مولى
هشام بن زهرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657606يقول الله تعالى : قسمت الصلاة بيني [ ص: 25 ] وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ، ونصفها لعبدي فإذا قال العبد : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى : حمدني عبدي وذكر الحديث قالوا : فلما عبر بالصلاة عن قراءة فاتحة الكتاب دل على أنها من فروضها ، كما أنه لما عبر عن الصلاة بالقرآن في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وقرآن الفجر وأراد قراءة صلاة الفجر دل على أنها من فروضها ، وكما عبر عنها بالركوع فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43واركعوا مع الراكعين دل على أنه من فروضها .
قيل له : لم تكن العبارة عنهما لما ذكرت موجبا لفرض القراءة والركوع فيها دون ما تناوله من لفظ الأمر المقتضي للإيجاب ، وليس في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=680287قسمت الصلاة بيني وبين عبدي أمر ، وإنما أكثر ما فيه الصلاة بقراءة فاتحة الكتاب ، وذلك غير مقتض للإيجاب ؛ لأن الصلاة تشتمل على النوافل والفروض .
وقد أفاد النبي عليه السلام بهذا الحديث نفي إيجابها ؛ لأنه قال في آخره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=914608فمن لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فأثبتها ناقصة مع عدم قراءتها .
ومعلوم أنه لم يرد نسخ أول كلامه بآخره ، فدل ذلك على أن قول الله تعالى " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " وذكر فاتحة الكتاب لا يوجب أن يكون قراءتها فرضا فيها .
وهذا كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
عبد ربه بن سعيد عن
أنس بن أبي أنس عن
عبد الله بن نافع ابن العمياء عن
عبد الله بن الحارث عن
المطلب بن أبي وادعة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673027الصلاة مثنى مثنى ، وتشهد في كل ركعتين ، وتبأس وتمسكن وتقنع لربك ، وتقول اللهم ، فمن لم يفعل فهي خداج ولم يوجب ذلك أن يكون ما سماه صلاة من هذه الأفعال فرضا فيها .
ومما يحتج به المخالفون أيضا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657603لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وبما حدثنا
محمد بن بكر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، قال : حدثنا
ابن بشار ، قال : حدثنا
جعفر عن
أبي عثمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فما زاد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب يحتمل نفي الأصل ونفي الكمال ، وإن كان ظاهره عندنا على نفي الأصل حتى تقوم الدلالة على أن المراد نفي الكمال .
ومعلوم أنه غير جائز إرادة الأمرين جميعا ؛ لأنه متى أراد نفي الأصل لم يثبت منه شيء ، وإذا أراد نفي الكمال ، وإثبات النقصان فلا محالة بعضه ثابت ، وإرادتهما معا منتفية مستحيلة .
والدليل على أنه لم يرد نفي الأصل أن إثبات ذلك إسقاط التخيير في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن وذلك نسخ ، وغير جائز نسخ القرآن
[ ص: 26 ] بأخبار الآحاد .
ويدل عليه أيضا ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأبو معاوية وابن فضيل وأبو سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
سعيد عن النبي عليه السلام ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=677343لا تجزي صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد لله وسورة في الفريضة وغيرها إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قال معها غيرها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية لا صلاة ، ومعلوم أنه لم يرد نفي الأصل وإنما مراده نفي الكمال لاتفاق الجميع على أنها مجزية بقراءة فاتحة الكتاب ، وإن لم يقرأ معها غيرها فثبت أنه أراد نفي الكمال وإيجاب النقصان ، وغير جائز أن يريد به نفي الأصل ونفي الكمال لتضادهما واستحالة إرادتهما جميعا بلفظ واحد .
فإن قال قائل : هذا حديث غير حديث
عبادة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فأوجب بذلك قراءتها وجعلها فرضا فيها ، وقال مرة أخرى ما ذكره سعيد من قراءة فاتحة الكتاب وشيء معها ، وأراد به نفي الكمال إذا لم يقرأ مع فاتحة الكتاب غيرها .
قيل له : ليس معك تاريخ الحديثين ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حالين ، ويحتاج إلى دلالة في إثبات كل واحد من الخبرين في الحالين ولمخالفك أن يقول : لما لم يثبت أن النبي عليه السلام قال ذلك في وقتين ، وقد ثبت اللفظان جميعا ، جعلتهما حديثا واحدا ساق بعض الرواة لفظه على وجهه وأغفل بعضهم بعض ألفاظه ، وهو ذكر السورة ، فهما متساويان حينئذ ، ويثبت الخبر بزيادة في حالة واحدة ، ويكون لقول خصمك مزية على قولك ، وهو أن كل ما لم يعرف تاريخه فسبيله أن يحكم بوجودهما معا .
وإذا ثبت أنه قالهما في وقت واحد بزيادة السورة ، فمعلوم أنه مع ذكر السورة لم يرد نفي الأصل ، وإنما أراد إثبات النقص ، حملناه على ذلك ، ويكون ذلك كقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ومن سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له ، ولا إيمان لمن لا أمانة له وكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=13ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم فنفاها بدءا وأثبتها ثانيا ؛ لأنه أراد نفي الكمال لا نفي الأصل ، أي : لا أيمان لهم وافية فيفون بها فإن قال قائل : فهلا استعملت الأخبار على ظواهرها واستعملت التخيير المذكور في الآية فيما عدا فاتحة الكتاب قيل له : لو انفردت الأخبار عن الآية ، لما كان فيها ما يوجب فرض قراءة فاتحة الكتاب ، لما بينا من أن فيها ما لا يحتمل إلا إثبات الأصل مع تركها ، واحتمال سائر الأخبار الأخر لنفي الأصل ونفي الكمال .
وعلى أن هذه الأخبار لو كانت موجبة
[ ص: 27 ] لتعيين فرض القراءة فيها لما جاز الاعتراض بها على الآية وصرفها عن الواجب إلى النفل فيما عدا الكتاب ؛ لما ذكرناه في أول المسألة فارجع إليه فإنك تجده كافيا إن شاء الله تعالى .
بَابٌ
nindex.php?page=treesubj&link=23393_1566_1530قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا رَحِمَهُمُ اللَّهُ : يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ ، فَإِنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَقَرَأَ غَيْرَهَا فَقَدْ أَسَاءَ ، وَيُجْزِيهِ صَلَاتُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : إِذَا لَمْ يَقْرَأْ أُمَّ الْقُرْآنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَعَادَ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : أَقَلُّ مَا يُجْزِي فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ، فَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا حَرْفًا وَخَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ أَعَادَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ عَنْ
خَيْثَمَةَ عَنْ
عَبَّادِ بْنِ رِبْعِيٍّ ، قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : لَا تُجْزِي صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَآيَتَيْنِ فَصَاعِدًا .
وَرَوَى
ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ
الْجَرِيرِيِّ عَنِ
ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : لَا تُجْزِي صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَآيَتَيْنِ فَصَاعِدًا وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٌ عَنْ
أَيُّوبَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، قَالَ : اقْرَأْ مِنْهُ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ أَنَّ مَنْ نَسِيَ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَرَأَ غَيْرَهَا لَمْ يَضُرَّ ، وَتُجْزِيهِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15627جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ
الْوَلِيدِ بْنِ يَحْيَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11867جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَامَ يُصَلِّي ذَاتَ يَوْمٍ فَقَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مُدْهَامَّتَانِ ثُمَّ رَكَعَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : وَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=40وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي أَنَّهَا لَا تُجْزِي إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَآيَتَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ التَّمَامِ لَا عَلَى نَفْيِ الْأَصْلِ ؛ إِذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِهَا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَحْدَهَا .
وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا مَعَ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ وَمَعْنَاهُ قِرَاءَةُ الْفَجْرِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ، لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَّا فِي الصَّلَاةِ ؛ وَالْأَمْرُ عَلَى الْإِيجَابِ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ النَّدْبِ ، فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ جَوَازَهَا بِمَا قَرَأَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ ؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ لِشَيْءٍ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْأُمَّةُ أَنَّ ذَلِكَ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عُمُومٌ عِنْدَنَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهَا مِنَ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الصَّلَاةِ مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ حَدِيثُ
[ ص: 21 ] nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الصَّلَاةَ حِينَ لَمْ يُحْسِنْهَا فَقَالَ لَهُ : ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ .
وَأَمْرُهُ بِذَلِكَ عِنْدَنَا إِنَّمَا صَدَرَ عَنِ الْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّا مَتَى وَجَدْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرًا يُوَاطِئُ حُكْمًا مَذْكُورًا فِي الْقُرْآنِ وَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِذَلِكَ عَنِ الْقُرْآنِ ، كَقَطْعِهِ السَّارِقَ وَجَلْدِهِ الزَّانِيَ وَنَحْوِهَا ثُمَّ لَمْ يُخَصِّصْ نَفْلًا مِنْ فَرْضٍ فَثَبَتَ أَنَّ مُرَادَ الْآيَةِ عَامٌّ فِي الْجَمِيعِ فَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا بِغَيْرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : دَلَالَتُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْآيَةِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ .
وَالثَّانِي أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فِي جَوَازِهَا بِغَيْرِهَا ، وَعَلَى أَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ فِي شَأْنِ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَوْ لَمْ يُعَاضِدْهُ الْخَبَرُ لَمْ يَمْنَعْ لُزُومَ حُكْمِهَا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ مِثْلُهَا ، بِدَلَالَةِ أَنَّ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ ، وَأَنَّ مَا جَازَ فِي النَّفْلِ جَازَ فِي الْفَرْضِ مِثْلُهُ ، كَمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هُمَا مُخْتَلِفَانِ عِنْدَكَ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عِنْدَكَ فِي الْفَرْضِ ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي النَّفْلِ إِذَا صَلَّاهَا قِيلَ لَهُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ آكَدُ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ مِنَ الْفَرْضِ ، فَإِذَا جَازَ النَّفَلُ مَعَ تَرْكِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَالْفَرْضُ أَحْرَى أَنْ يَجُوزَ .
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا ، وَمَنْ أَوْجَبَ فَرْضَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي أَحَدِهِمَا أَوْجَبَهَا فِي الْآخَرِ ، وَمَنْ أَسْقَطَ فَرْضَهَا فِي أَحَدِهِمَا أَسْقَطَهُ فِي الْآخَرِ فَلَمَّا ثَبَتَ عِنْدَنَا بِظَاهِرِ الْآيَةِ جَوَازُ النَّفْلِ بِغَيْرِهَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْفَرْضِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ تَرْكِهَا بِالْآيَةِ ؟
قِيلَ لَهُ : لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : اقْرَأْ مَا شِئْتَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلِ : بِعْ عَبْدِي هَذَا بِمَا تَيَسَّرَ ، أَنَّهُ مُخَيِّرٌ لَهُ فِي بَيْعِهِ لَهُ بِمَا رَأَى .
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ لَمْ يَجُزْ لَنَا إِسْقَاطُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَسْخَ مَا اقْتَضَتْهُ الْآيَةُ مِنَ التَّخْيِيرِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَوُجُوبُ الِاقْتِصَارِ بِهِ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَعَ وُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ مَا يُهْدَى وَيُتَصَدَّقُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَسْخُ الْآيَةِ .
قِيلَ لَهُ : إِنَّ خِيَارَهُ بَاقٍ فِي ذَبْحِهِ أَيَّهَا شَاءَ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رَفْعُ حُكْمِهَا مِنَ التَّخْيِيرِ وَلَا نَسْخُهُ ، وَإِنَّمَا فِيهِ التَّخْصِيصُ ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرَدَ أَثَرٌ فِي قِرَاءَةِ آيَةٍ دُونَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَسْخُ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ خِيَارَهُ بَاقٍ فِي أَنْ يَقْرَأَ أَيَّهَا شَاءَ مِنْ آيِ
[ ص: 22 ] الْقُرْآنِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا عَدَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ نَسْخٌ لَهَا ، قِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ بِالْقِرَاءَةِ عِبَارَةً عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِبَادَةً إِلَّا وَهِيَ مِنْ أَرْكَانِهَا الَّتِي لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا .
الثَّانِي : أَنَّ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ فِي جَمِيعِ مَا يُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ، فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ فِي بَعْضِ مَا يُقْرَأْ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا .
الثَّالِثُ : أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ أَمْرٌ ، وَحَقِيقَتُهُ وَمُقْتَضَاهُ الْوَاجِبُ ، فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى النَّدْبِ مِنَ الْقِرَاءَةِ دُونَ الْوَاجِبِ مِنْهَا ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ مَا حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادٌ عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=655782أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لَهُ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ يُصَلِّي ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَدَّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَيَضَعَ الْوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ ، ثُمَّ يُكَبِّرَ وَيَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ ، وَيَقْرَأَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ يَقُولَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ يَرْكَعَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
وَحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17316يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15985سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=655782أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ : " ثُمَّ اقْرَأْ مَا شِئْتَ " وَفِي الثَّانِي : " مَا تَيَسَّرَ " فَخَيَّرَهُ فِي الْقِرَاءَةِ بِمَا شَاءَ .
وَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَرْضًا لَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا مَعَ عِلْمِهِ بِجَهْرِ الرَّجُلِ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ ؛ إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ فِي تَعْلِيمِ الْجَاهِلِ عَلَى بَعْضِ فُرُوضِ الصَّلَاةِ دُونَ بَعْضٍ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَزَّارُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ يُقْرَأُ فِيهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ أَوْ غَيْرُهَا مِنَ الْقُرْآنِ . وَقَدْ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17281وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ عَنْ
مَخْلَدٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ
عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ
رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ ،
[ ص: 23 ] قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10423إِذَا قُمْتَ فَتَوَجَّهْتَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ ، فَذَكَرَ فِيهِ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرَهَا ، وَهَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْأَخْبَارِ الْأُخَرِ ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ ؛ إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُهُ عَلَى تَعْيِينِ الْفَرْضِ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ نَسْخِ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِهِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ غَيْرُ مَنْسُوخٍ بِالْآخَرِ ؛ إِذْ كَانَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : لَمَّا ذَكَرَ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ التَّخْيِيرَ فِيمَا يُقْرَأُ ، وَذَكَرَ فِي الْآخَرِ الْأَمْرَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ ، وَأَثْبَتَ التَّخْيِيرَ فِيمَا عَدَاهَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10423وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ فِي الْأَخْبَارِ الْأُخَرِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا عَدَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَأَنَّ تَرْكَ ذِكْرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ إِغْفَالٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَلِأَنَّ فِي خَبَرِنَا زِيَادَةً ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ بِلَا تَخْيِيرٍ .
قِيلَ لَهُ : غَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُ الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ التَّخْيِيرُ مُطْلَقًا عَلَى الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ عَلَى مَا ادَّعَيْتَ ، لِإِمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ ، بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ نَقُولَ : التَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ فِي الْخَبَرِ الْمُطْلَقِ حُكْمُهُ ثَابِتٌ فِي الْخَبَرِ الْمُقَيَّدِ بِذِكْرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ عَامًّا فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهَا ، كَأَنَّهُ قَالَ : اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ إِنْ شِئْتَ وَبِمَا سِوَاهَا ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالُ زِيَادَةِ التَّخْيِيرِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، دُونَ تَخْصِيصِهِ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ بَعْضٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَصْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12081أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619اُخْرُجْ فَنَادِ فِي الْمَدِينَةِ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقُرْآنٍ ، وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619لَا صَلَاةَ إِلَّا بِالْقُرْآنِ يَقْتَضِي جَوَازَهَا بِمَا قَرَأَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِهَا بِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ مُتَعَيِّنًا بِهَا لَمَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ وَلَقَالَ : بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14806الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=687835أَيُّمَا صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ
الْعَلَاءِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11864أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى
هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي السَّنَدِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُوهِنُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11864أَبِي السَّائِبِ جَمِيعًا فَلَمَّا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=914608فَهِيَ [ ص: 24 ] خِدَاجٌ وَالْخِدَاجُ النَّاقِصَةُ ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِهَا مَعَ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً لَمَا أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّ إِثْبَاتَهَا نَاقِصَةً يَنْفِي بُطْلَانَهَا ؛ إِذْ لَا يَجُوزُ الْوَصْفُ بِالنُّقْصَانِ لِمَا لَمْ يَثْبُتُ مِنْهُ شَيْءٌ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذَا حَالَتْ فَلَمْ تَحْمِلْ : إِنَّهَا قَدْ أَخَدَجَتْ ، وَإِنَّمَا يُقَالَ : أَخَدَجَتْ وَخَدَجَتْ ، إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا نَاقِصَ الْخِلْقَةِ أَوْ وَضَعَتْهُ لِغَيْرِ تَمَامٍ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ ؛ فَأَمَّا مَا لَمْ تَحْمِلْ فَلَا تُوصَفُ بِالْخِدَاجِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ جَوَازُ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ؛ إِذِ النُّقْصَانُ غَيْرُ نَافٍ لِلْأَصْلِ ، بَلْ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْأَصْلِ حَتَّى يَصِحَّ وَصْفُهَا بِالنُّقْصَانِ وَقَدْ رَوَى أَيْضًا
عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=677345كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَأَثْبَتَهَا نَاقِصَةً ، وَإِثْبَاتُ النُّقْصَانِ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْأَصْلِ عَلَى مَا وَصَفْنَا .
وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698981إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ يُكْتَبُ لَهُ نِصْفُهَا خُمُسُهَا عُشْرُهَا فَلَمْ يَبْطُلْ جُزْءٌ بِنُقْصَانِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=17000مُحَمَّدُ بْنُ عِجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11864أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى
هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667160مَنْ صَلَّى صَلَاةً وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَارِضُ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=16008وَابْنِ عُيَيْنَةَ فِي ذِكْرِهِمَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ دُونِ غَيْرِهَا ، وَإِذَا تَعَارَضَا سَقَطَا ، فَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا نَاقِصَةً إِذَا لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ .
قِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَارَضَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=16008وَابْنُ عُيَيْنَةَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عِجْلَانَ ، بَلِ السَّهْوُ وَالْإِغْفَالُ أَجْوَزُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا ، فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى رِوَايَتِهِمَا بِهِ وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَارُضٌ ؛ إِذْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهُمَا جَمِيعًا ، قَالَ مَرَّةً : وَذَكَرَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَذَكَرَ مَرَّةً أُخْرَى الْقِرَاءَةَ مُطْلَقَةً .
وَأَيْضًا فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذِكْرِ الْإِطْلَاقِ مَا قَيَّدَهُ فِي خَبَرِ هَذَيْنِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِذَا جَوَّزْتَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ قَالَ الْأَمْرَيْنِ ، فَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=17000مُحَمَّدِ بْنِ عِجْلَانَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ رَأْسًا ؛ لِإِثْبَاتِهِ إِيَّاهَا نَاقِصَةً مَعَ عَدَمِ الْقِرَاءَةِ رَأْسًا .
قِيلَ لَهُ : نَحْنُ نَقْبَلُ هَذَا السُّؤَالَ ، وَنَقُولُ كَذَلِكَ : يَقْتَضِي ظَاهِرُ الْخَبَرَيْنِ ؛ إِلَّا أَنَّ الدَّلَالَةَ قَامَتْ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ يُفْسِدُهَا ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ الْآخَرِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ رُوِيَتْ أَخْبَارٌ أُخَرُ فِي قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ يَحْتَجُّ بِهَا مِنْ يَرَاهَا فَرْضًا فَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=14806الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11864أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى
هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657606يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي [ ص: 25 ] وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ، فَنِصْفُهَا لِي ، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : حَمِدَنِي عَبْدِي وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالُوا : فَلَمَّا عَبَّرَ بِالصَّلَاةِ عَنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضَهَا ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا عَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وَقُرْآنَ الْفَجْرِ وَأَرَادَ قِرَاءَةَ صَلَاةِ الْفَجْرِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِهَا ، وَكَمَا عَبَّرَ عَنْهَا بِالرُّكُوعِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِهَا .
قِيلَ لَهُ : لَمْ تَكُنِ الْعِبَارَةُ عَنْهُمَا لِمَا ذَكَرْتَ مُوجِبًا لِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ فِيهَا دُونَ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ الْمُقْتَضِي لِلْإِيجَابِ ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=680287قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي أَمْرٌ ، وَإِنَّمَا أَكْثَرُ مَا فِيهِ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُقْتَضٍ لِلْإِيجَابِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَشْتَمِلُ عَلَى النَّوَافِلِ وَالْفُرُوضِ .
وَقَدْ أَفَادَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَفْيَ إِيجَابِهَا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=914608فَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَأَثْبَتَهَا نَاقِصَةً مَعَ عَدَمِ قِرَاءَتِهَا .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَسْخَ أَوَّلِ كَلَامِهِ بِآخِرِهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى " قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ " وَذِكْرُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قِرَاءَتُهَا فَرْضًا فِيهَا .
وَهَذَا كَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ عَنْ
عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
أَنَسٍ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ ابْنِ الْعَمْيَاءِ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ
الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَادِعَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673027الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى ، وَتَشَهُّدٌ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ، وَتَبَأُّسٌ وَتَمَسْكُنٌ وَتَقَنُّعٌ لِرَبِّكَ ، وَتَقُولُ اللَّهُمَّ ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهِيَ خِدَاجٌ وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّاهُ صَلَاةً مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فَرْضًا فِيهَا .
وَمِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ الْمُخَالِفُونَ أَيْضًا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657603لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِمَا حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
جَعْفَرٌ عَنْ
أَبِي عُثْمَانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672619أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُنَادِيَ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ يَحْتَمِلُ نَفْيَ الْأَصْلِ وَنَفْيَ الْكَمَالِ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ عِنْدَنَا عَلَى نَفْيِ الْأَصْلِ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْكَمَالِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إِرَادَةُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَرَادَ نَفْيَ الْأَصْلِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِذَا أَرَادَ نَفْيَ الْكَمَالِ ، وَإِثْبَاتَ النُّقْصَانِ فَلَا مَحَالَةَ بَعْضُهُ ثَابِتٌ ، وَإِرَادَتُهُمَا مَعًا مُنْتَفِيَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الْأَصْلِ أَنَّ إِثْبَاتَ ذَلِكَ إِسْقَاطُ التَّخْيِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَذَلِكَ نَسْخٌ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ نَسْخُ الْقُرْآنِ
[ ص: 26 ] بِأَخْبَارِ الْآحَادِ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو سُفْيَانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=677343لَا تَجْزِي صَلَاةٌ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ فِي الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ مَعَهَا غَيْرُهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ لَا صَلَاةَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ نَفْيُ الْكَمَالِ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهَا مُجْزِيَةٌ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مَعَهَا غَيْرَهَا فَثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ الْكَمَالِ وَإِيجَابَ النُّقْصَانِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُرِيدَ بِهِ نَفْيَ الْأَصْلِ وَنَفْيَ الْكَمَالِ لِتَضَادِّهِمَا وَاسْتِحَالَةِ إِرَادَتِهِمَا جَمِيعًا بِلَفْظِ وَاحِدٍ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ حَدِيثِ
عُبَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَّةً
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَأَوْجَبَ بِذَلِكَ قِرَاءَتَهَا وَجَعْلَهَا فَرْضًا فِيهَا ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى مَا ذَكَرَهُ سَعِيدٌ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَشَيْءٍ مَعَهَا ، وَأَرَادَ بِهِ نَفْيَ الْكَمَالِ إِذَا لَمْ يَقْرَأْ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ غَيْرَهَا .
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ مَعَكَ تَارِيخُ الْحَدِيثَيْنِ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالَيْنِ ، وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلَالَةٍ فِي إِثْبَاتِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَبَرَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ وَلِمُخَالِفِكَ أَنْ يَقُولَ : لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ ذَلِكَ فِي وَقْتَيْنِ ، وَقَدْ ثَبَتَ اللَّفْظَانِ جَمِيعًا ، جَعَلْتُهُمَا حَدِيثًا وَاحِدًا سَاقَ بَعْضُ الرُّوَاةِ لَفْظَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَغْفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ أَلْفَاظِهِ ، وَهُوَ ذِكْرُ السُّورَةِ ، فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ حِينَئِذٍ ، وَيَثْبُتُ الْخَبَرُ بِزِيَادَةٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَيَكُونُ لِقَوْلِ خَصْمِكَ مَزِيَّةٌ عَلَى قَوْلِكَ ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُعْرَفْ تَارِيخُهُ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُحْكَمَ بِوُجُودِهِمَا مَعًا .
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِزِيَادَةِ السُّورَةِ ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَعَ ذِكْرِ السُّورَةِ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إِثْبَاتَ النَّقْصِ ، حَمَلْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ ، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=13أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ فَنَفَاهَا بَدْءًا وَأَثْبَتَهَا ثَانِيًا ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ الْكَمَالِ لَا نَفْيَ الْأَصْلِ ، أَيْ : لَا أَيْمَانَ لَهُمْ وَافِيَةً فَيَفُونَ بِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلَّا اسْتَعْمَلْتَ الْأَخْبَارَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَاسْتَعْمَلْتَ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ فِيمَا عَدَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ قِيلَ لَهُ : لَوِ انْفَرَدَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ الْآيَةِ ، لَمَا كَانَ فِيهَا مَا يُوجِبُ فَرْضَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، لِمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّ فِيهَا مَا لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا إِثْبَاتَ الْأَصْلِ مَعَ تَرْكِهَا ، وَاحْتِمَالُ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الْأُخَرِ لِنَفْيِ الْأَصْلِ وَنَفْيِ الْكَمَالَ .
وَعَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ لَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً
[ ص: 27 ] لِتَعْيِينِ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا لَمَا جَازَ الِاعْتِرَاضُ بِهَا عَلَى الْآيَةِ وَصَرْفُهَا عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى النَّفْلِ فِيمَا عَدَا الْكِتَابَ ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ فَارْجِعْ إِلَيْهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ كَافِيًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .