لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع
واختلف السلف في المراد بالآية ، فروي عن ابن عباس ومجاهد قالوا : " القانع الذي لا يسأل والمعتر الذي يسأل " . وروي عن وقتادة الحسن قالا : " القانع الذي يسأل " . وروي عن وسعيد بن جبير قال : " المعتر يتعرض ولا يسأل " . وقال الحسن : " القانع جارك والغني والمعتر الذي يعتريك من الناس " . قال مجاهد : إن كان القانع هو الغني فقد اقتضت الآية أن يكون المستحب الصدقة بالثلث ؛ لأن فيها الأمر بالأكل وإعطاء الغني وإعطاء الفقير الذي يسأل . أبو بكرقوله تعالى : لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم قيل في معناه : لن يتقبل الله اللحوم ولا الدماء ولكن يتقبل التقوى منها . وقيل : لن يبلغ رضا الله لحومها ولا دماؤها ولكن يبلغه التقوى منكم . وإنما قال ذلك بيانا أنهم إنما يستحقون الثواب بأعمالهم ؛ إذ كانت اللحوم والدماء فعل الله فلا يجوز أن يستحقوا بها الثواب وإنما يستحقونه بفعلهم الذي هو التقوى ومجرى موافقة أمر الله تعالى بذبحها . قوله تعالى : كذلك سخرها لكم يعني : ذللها لتصريف العباد فيما يريدون منها خلاف السباع الممتنعة بما أعطيت من القوة والآلة . قوله تعالى : ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد قال : " صوامع الرهبان ، والبيع كنائس مجاهد اليهود " . وقال : [ ص: 83 ] " صلوات كنائس الضحاك اليهود يسمونها صلوتا " . وقيل : " إن الصلوات مواضع صلوات المسلمين مما في منازلهم " . وقال بعضهم : " لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع في أيام شريعة عيسى عليه السلام وبيع في أيام شريعة موسى عليه السلام ومساجد في أيام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم " . وقال : " يدفع عن هدم مصليات الحسن أهل الذمة بالمؤمنين " . قال : في الآية دليل على أن هذه المواضع المذكورة لا يجوز أن تهدم على من كان له ذمة أو عهد من الكفار ، وأما في دار الحرب فجائز لهم أن يهدموها كما يهدمون سائر دورهم . وقال أبو بكر في أرض الصلح إذا صارت مصرا للمسلمين : " لم محمد بن الحسن ، وأما ما فتح عنوة وأقر أهلها عليها بالجزية فإنه ما صار منها مصرا للمسلمين فإنهم يمنعون فيها من الصلاة في بيعهم وكنائسهم ولا تهدم عليهم ويؤمرون بأن يجعلوها إن شاءوا بيوتا مسكونة " . يهدم ما كان فيها من بيعة أو كنيسة أو بيت نار