باب تزويج الزانية قال الله تعالى : تزويج الزانية الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين قال : روى أبو بكر عن أبيه عن [ ص: 107 ] جده قال : عمرو بن شعيب مرثد بن أبي مرثد وكان يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة ، وكان بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقة له ، وكان وعد رجلا أن يحمله من أسرى مكة ، وإن عناق رأته فقالت له : أقم الليلة عندي قال : يا عناق قد حرم الله الزنا فقالت : يا أهل الخباء هذا الذي يحمل أسراكم فلما قدمت المدينة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أتزوج عناق ؟ فلم يرد حتى نزلت هذه الآية : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنكحها . فبين كان رجل يقال له في هذا الحديث أن الآية نزلت في الزانية المشركة أنها لا ينكحها إلا زان أو مشرك ، وإن تزوج المسلم المشركة زنا ؛ إذ كانت لا تحل له . عمرو بن شعيب
وقد اختلف السلف في تأويل الآية وحكمها ، فحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال : حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا يحيى بن سعيد ويزيد بن هارون عن عن يحيى بن سعيد الأنصاري في قوله تعالى : سعيد بن المسيب الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قد نسختها الآية التي بعدها : وأنكحوا الأيامى منكم قال : كان يقال هي من أيامى المسلمين ، فأخبر أن الآية منسوخة . قال سعيد بن المسيب أبو عبيد : وحدثنا حجاج عن عن ابن جريج في قوله : مجاهد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال : " كان رجال يريدون الزنا بنساء زواني بغايا معلنات كن كذلك في الجاهلية ، فقيل لهم هذا حرام ، فأرادوا نكاحهن " فذكر أن ذلك كان في نساء مخصوصات على الوصف الذي ذكرنا وروي عن مجاهد في قوله : عبد الله بن عمر الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة أنه نزل في رجل تزوج امرأة بغية على أن تنفق عليه " فأخبر أن النهي خرج على هذا الوجه وهو أن يزوجها على أن يخليها والزنا . عبد الله بن عمر
وروى حبيب بن أبي عمرة عن عن سعيد بن جبير قال : " يعني بالنكاح جماعها " . ابن عباس
وروى عن ابن شبرمة : عكرمة الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال : " لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله " .
وقال شعبة مولى ابن عباس عن : " بغايا كن في الجاهلية يجعلن على أبوابهن رايات كرايات البياطرة يأتيهن ناس ، يعرفن بذلك " . ابن عباس
وروى عن مغيرة : إبراهيم النخعي الزاني لا ينكح إلا زانية " يعني به الجماع حين يزني " وعن مثله . قال عروة بن الزبير : فذهب هؤلاء إلى أن معنى الآية الإخبار باشتراكهما في الزنا وأن المرأة كالرجل في ذلك ، فإذا كان الرجل زانيا فالمرأة مثله إذا طاوعته ، وإذا زنت المرأة فالرجل مثلها ، فحكم تعالى في ذلك بمساواتهما في [ ص: 108 ] الزنا ، ويفيد ذلك مساواتهما في استحقاق الحد وعقاب الآخرة وقطع الموالاة وما جرى مجرى ذلك . وروي فيه قول آخر ، وهو ما روى أبو بكر عن عاصم الأحول في هذه الآية قال : " المحدود لا يتزوج إلا محدودة " . الحسن