باب الوقوف
بجمع قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ولم يختلف أهل العلم أن
المشعر الحرام هو
المزدلفة وتسمى جمعا . فمن الناس من يقول : إن هذا الذكر هو صلاة المغرب ، والعشاء اللتين يجمع بينهما
بالمزدلفة ، والذكر الثاني في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم هو الذكر المفعول عند الوقوف
بالمزدلفة غداة جمع ، فيكون الذكر الأول غير الثاني . والصلاة تسمى ذكرا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=911958من نام عن صلاة ، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وتلا عند ذلك قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وأقم الصلاة لذكري فسمى الصلاة ذكرا ، فعلى هذا قد اقتضت الآية تأخير صلاة المغرب إلى أن تجمع مع العشاء
بالمزدلفة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم من
عرفات إلى
المزدلفة أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=65674قال للنبي صلى الله عليه وسلم في طريق المزدلفة : الصلاة فقال : الصلاة أمامك فلما أتى المزدلفة صلاها مع العشاء الآخرة . والأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم متواترة
في
nindex.php?page=treesubj&link=23855جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب ، والعشاء بالمزدلفة
وقد اختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=3632_3628من صلى المغرب قبل أن يأتي المزدلفة فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد " لا تجزيه " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : " تجزيه " . وظاهر قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام إذا كان المراد به الصلاة يمنع جوازها قبله ، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650136الصلاة أمامك وحمله على ذلك أولى من حمله على الذكر المفعول في حال الوقوف بجمع ؛ لأن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم هو الذكر في موقف جمع ، فواجب أن نحمل الذكر الأول على الصلاة حتى نكون قد وفينا كل واحد من الذكرين حظه من الفائدة ولا يكون تكرارا .
وأيضا فإن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام هو أمر يقتضي الإيجاب ، والذكر المفعول بجمع ليس بواجب عند الجميع ومتى حمل على فعل صلاة المغرب بجمع كان محمولا على مقتضاه من الوجوب ، فوجب حمله عليه .
وقد اختلف أهل العلم في
nindex.php?page=treesubj&link=3614_3616الوقوف بالمزدلفة ، هل هو من فروض الحج أم لا ، فقال قائلون : " هو من فروض الحج ومن فاته فلا حج له كمن
nindex.php?page=treesubj&link=3516_3619_3517فاته الوقوف بعرفة "
[ ص: 391 ] وقال جمهور أهل العلم : " حجه تام ولا يفسده ترك الوقوف
بالمزدلفة " . واحتج من لم يجعله من فروضه بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
عبد الرحمن بن يعمر الديلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669227الحج عرفة فمن وقف قبل أن يطلع الفجر فقد تم حجه وقال في بعض الأخبار :
nindex.php?page=hadith&LINKID=35406من أدرك عرفة فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة فقد فاته الحج فحكم بصحة حجه بإدراك
عرفة ولم يشترط معه الوقوف
بجمع ويدل عليه ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ونقله الناس ، قائلين له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663187إن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله بليل وفي بعض الأخبار ضعفة الناس من المزدلفة ليلا وقال لهم : لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس فلو كان الوقوف بها فرضا لما رخص لهم في تركه للضعف ، كما لا يرخص في الوقوف
بعرفة لأجل الضعف .
فإن قيل : لأنهم كانوا وقفوا ليلا وهو وقت الوقوف بها ، وروى
سالم بن عمر وهو أحد من روى حديث تقديم ضعفة الناس من
المزدلفة : فكان يقدم ضعفة أهله من
المزدلفة فيقفون عند
المشعر الحرام بليل ، فيذكرون ما بدا لهم ثم يدفعون قيل له : وقت الوقوف بها بعد طلوع الفجر ، وقد نقل الناس وقوف النبي صلى الله عليه وسلم بها بعد طلوع الفجر ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ضعفة أهله بالوقوف حين عجلهم منها ليلا ، ولو كان ذلك وقت الوقوف لأمرهم به ، ولم يرخص لهم في تركه مع إمكانه من غير عذر ؛ وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فإنما هو من فعله ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أيضا : إن هذا وقت الوقوف ، وإنما كان ذلك على وجه الاستحباب للذكر قبل الرجوع إلى
منى .
ويدل على أن وقت الوقوف بعد طلوع الفجر أنا وجدنا سائر أفعال المناسك إنما وقتها بالنهار ، والليل يدخل فيه على وجه التبع على ما بينا . واحتج من جعل الوقوف بها فرضا بظاهر قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام فظاهره يقتضي الوجوب . ويحتجون أيضا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف بن طريف عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
عروة بن مضرس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=886451من أدرك جمعا ، والإمام واقف فوقف مع الإمام ثم أفاض مع الناس فقد أدرك الحج ، ومن لم يدرك فلا حج له ، وبما روى
يعلى بن عبيد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
بكير بن عطاء عن
عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698867رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفات ، فأقبل ناس من أهل نجد فسألوه عن الحج ، فقال : الحج يوم عرفة ومن أدرك جمعا قبل الصبح فقد أدرك الحج . فأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام فلا دلالة فيه على ما ذكروا وذلك لأنه أمر بالذكر ، وقد اتفق الجميع على أن الذكر هناك
[ ص: 392 ] غير مفروض ، فإن تركه لا يوجب نقصا في الحج ، وليس للوقوف ذكر في الآية ، فسقط الاحتجاج به ، ومع ذلك فقد بينا أن المراد بهذا الذكر هو فعل صلاة المغرب هناك . وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف بن طريف عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، فإنه قد رواه خمسة من الرواة غير
مطرف ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=15926زكريا بن أبي زائدة وعبد الله بن أبي السفر وسيار وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا فيه أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669252من صلى معنا هذه الصلاة ووقف معنا هذا الموقف وأفاض قبل ذلك من عرفة ليلا ، أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه
ولم يذكر منهم أحد أنه قال فلا حج له . ومع ذلك فقد اتفقوا أن ترك الصلاة هناك لا يفسد الحج ، وقد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك الوقوف . وقوله : " فلا حج له " يحتمل أن يريد به نفي الفضل لا نفي الأصل ، كما قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676904لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، وكما روى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من قدم نفله فلا حج له . وأما حديث
عبد الرحمن بن يعمر الديلي عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد روى هذا الحديث
محمد بن كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
بكير بن عطاء عن
عبد الرحمن بن يعمر الديلي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=54313من وقف قبل أن يطلع الفجر فقد تم حجه فعلمنا أن المراد بذلك الوقوف
بعرفة في شرط إدراك الحج ، وأن رواية من روى
من أدرك جمعا قبل الصبح وهم ، وكيف لا يكون وهما وقد نقلت الأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوفه بها بعد طلوع الفجر ولم يرو عنه أنه أمر أحدا بالوقوف بها ليلا ؟ ومع ذلك فقد عارضته الأخبار الصحيحة التي رويت من قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669252من صلى معنا هذه الصلاة ثم وقف معنا هذا الموقف
وسائر أخبار
عبد الرحمن بن يعمر أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=100996من أدرك عرفة فقد أدرك الحج وقد تم حجه ، ومن فاته عرفة فقد فاته الحج وذلك ينفي رواية من شرط معه الوقوف
بالمزدلفة ، وأظن
nindex.php?page=showalam&ids=13719الأصم وابن علية القائلين بهذه المقالة . واحتجوا فيه من طريق النظر ، بأنه لما كان في الحج وقوفان واتفقنا على فرضية أحدهما وهو الوقوف
بعرفة ، وجب أن يكون الآخر فرضا ؛ لأن الله عز وجل ذكرهما في القرآن ؛ كما أنه لما ذكر الركوع ، والسجود كانا فرضين في الصلاة . فيقال له : أما قولك " إنهما لما كانا مذكورين في القرآن كانا فرضين " فإنه غلط فاحش ؛ لأنه يقتضي أن يكون كل مذكور في القرآن فرضا ، وهذا خلف من القول .
وعلى أن الله تعالى لم يذكر الوقوف وإنما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام والذكر ليس بمفروض عند الجميع ، فكيف يكون الوقوف فرضا ؟ فالاحتجاج به من هذا الوجه ساقط . فإن كان أوجبه قياسا على الوقوف
بعرفة ، فإنه يطالب
[ ص: 393 ] بالدلالة على صحة العلة الموجبة لهذا القياس ، وذلك معدوم ؛ ويقال له : أليس قد طاف النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم
مكة وسعى ، ثم طاف أيضا يوم النحر وطاف للصدر وأمر به ؟ فهل وجب أن يكون لهذا الطواف كله حكم واحد في باب الإيجاب ؟ فإذا جاز أن يكون بعض الطواف ندبا وبعضه واجبا ، فما ينكر أن يكون حكم الوقوف كذلك فيكون بعضه ندبا وبعضه واجبا ؟ .
بَابُ الْوُقُوفِ
بِجُمَعٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ
الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ هُوَ
الْمُزْدَلِفَةُ وَتُسَمَّى جَمْعًا . فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا الذِّكْرَ هُوَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ اللَّتَيْنِ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا
بِالْمُزْدَلِفَةِ ، وَالذِّكْرُ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ هُوَ الذِّكْرُ الْمَفْعُولُ عِنْدَ الْوُقُوفِ
بِالْمُزْدَلِفَةِ غَدَاةَ جَمْعٍ ، فَيَكُونُ الذِّكْرُ الْأَوَّلُ غَيْرَ الثَّانِي . وَالصَّلَاةُ تُسَمَّى ذِكْرًا ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=911958مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَتَلَا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي فَسَمَّى الصَّلَاةَ ذِكْرًا ، فَعَلَى هَذَا قَدِ اقْتَضَتِ الْآيَةُ تَأْخِيرَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنْ تُجْمَعَ مَعَ الْعِشَاءِ
بِالْمُزْدَلِفَةِ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=111أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَكَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
عَرَفَاتٍ إِلَى
الْمُزْدَلِفَةِ أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=65674قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقِ الْمُزْدَلِفَةِ : الصَّلَاةَ فَقَالَ : الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَلَمَّا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ صَلَّاهَا مَعَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ . وَالْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاتِرَةٌ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23855جَمْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3632_3628مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ " لَا تُجْزِيهِ " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : " تُجْزِيهِ " . وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةَ يُمْنَعُ جَوَازُهَا قَبْلَهُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650136الصَّلَاةُ أَمَامَكَ وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الذِّكْرِ الْمَفْعُولِ فِي حَالِ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ هُوَ الذِّكْرُ فِي مَوْقِفِ جَمْعٍ ، فَوَاجِبٌ أَنْ نَحْمِلَ الذِّكْرَ الْأَوَّلَ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَكُونَ قَدْ وَفَّيْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الذِّكْرَيْنِ حَظَّهُ مِنَ الْفَائِدَةِ وَلَا يَكُونُ تَكْرَارًا .
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ هُوَ أَمْرٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ ، وَالذِّكْرُ الْمَفْعُولُ بِجَمْعٍ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمَتَى حُمِلَ عَلَى فِعْلِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِجَمْعٍ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مُقْتَضَاهُ مِنَ الْوُجُوبِ ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3614_3616الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، هَلْ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ أَمْ لَا ، فَقَالَ قَائِلُونَ : " هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ وَمَنْ فَاتَهُ فَلَا حَجَّ لَهُ كَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3516_3619_3517فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ "
[ ص: 391 ] وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ : " حَجُّهُ تَامٌّ وَلَا يُفْسِدُهُ تَرْكُ الْوُقُوفِ
بِالْمُزْدَلِفَةِ " . وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ فُرُوضِهِ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669227الْحَجُّ عَرَفَةُ فَمَنْ وَقَفَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَالَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=35406مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَحَكَمَ بِصِحَّةِ حَجِّهِ بِإِدْرَاكِ
عَرَفَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ مَعَهُ الْوُقُوفَ
بِجَمْعِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ وَنَقَلَهُ النَّاسُ ، قَائِلِينَ لَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663187إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ ضَعَفَةَ النَّاسِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لَيْلًا وَقَالَ لَهُمْ : لَا تَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلَوْ كَانَ الْوُقُوفُ بِهَا فَرْضًا لَمَا رَخَّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ لِلضَّعْفِ ، كَمَا لَا يُرَخِّصُ فِي الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ لِأَجْلِ الضَّعْفِ .
فَإِنْ قِيلَ : لِأَنَّهُمْ كَانُوا وَقَفُوا لَيْلًا وَهُوَ وَقْتُ الْوُقُوفِ بِهَا ، وَرَوَى
سَالِمُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى حَدِيثَ تَقْدِيمِ ضَعَفَةِ النَّاسِ مِنَ
الْمُزْدَلِفَةِ : فَكَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ مِنَ
الْمُزْدَلِفَةِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِلَيْلٍ ، فَيَذْكُرُونَ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ يَدْفَعُونَ قِيلَ لَهُ : وَقْتُ الْوُقُوفِ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَقَدْ نَقَلَ النَّاسُ وُقُوفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِالْوُقُوفِ حِينَ عَجَّلَهُمْ مِنْهَا لَيْلًا ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَقْتَ الْوُقُوفِ لَأَمَرَهُمْ بِهِ ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ مَعَ إِمْكَانِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؛ وَمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ لَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا : إِنَّ هَذَا وَقْتُ الْوُقُوفِ ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ لِلذِّكْرِ قَبْلَ الرُّجُوعِ إِلَى
مِنًى .
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّا وَجَدْنَا سَائِرَ أَفْعَالِ الْمَنَاسِكِ إِنَّمَا وَقْتُهَا بِالنَّهَارِ ، وَاللَّيْلُ يَدْخُلُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا . وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَ الْوُقُوفَ بِهَا فَرْضًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ . وَيَحْتَجُّونَ أَيْضًا بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17097مُطْرَفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ مُضَرَّسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=886451مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا ، وَالْإِمَامُ وَاقِفٌ فَوَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ أَفَاضَ مَعَ النَّاسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ فَلَا حَجَّ لَهُ ، وَبِمَا رَوَى
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ عَنْ
بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698867رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَاتٍ ، فَأَقْبَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْحَجِّ ، فَقَالَ : الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ وَمَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ . فَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرُوا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالذِّكْرِ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ هُنَاكَ
[ ص: 392 ] غَيْرُ مَفْرُوضٍ ، فَإِنَّ تَرْكَهُ لَا يُوجِبُ نَقْصًا فِي الْحَجِّ ، وَلَيْسَ لِلْوُقُوفِ ذِكْرٌ فِي الْآيَةِ ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الذِّكْرِ هُوَ فِعْلُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ هُنَاكَ . وَأَمَّا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=17097مُطْرَفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ ، فَإِنَّهُ قَدْ رَوَاهُ خَمْسَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ غَيْرُ
مُطْرَفٍ ، مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=15926زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ وَسَيَّارُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا فِيهِ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669252مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَوَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ وَأَفَاضَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عَرَفَةَ لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ
وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَنَّهُ قَالَ فَلَا حَجَّ لَهُ . وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدِ اتَّفَقُوا أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ هُنَاكَ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ ، وَقَدْ ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَذَلِكَ الْوُقُوفُ . وَقَوْلُهُ : " فَلَا حَجَّ لَهُ " يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ نَفْيَ الْفَضْلِ لَا نَفْيَ الْأَصْلِ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676904لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَكَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ مَنْ قَدَّمَ نَفْلَهُ فَلَا حَجَّ لَهُ . وَأَمَّا حَدِيثُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ عَنْ
بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=54313مَنْ وَقَفَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْوُقُوفُ
بِعَرَفَةَ فِي شَرْطِ إِدْرَاكِ الْحَجِّ ، وَأَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى
مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ الصُّبْحِ وَهْمٌ ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ وَهْمًا وَقَدْ نَقَلَتِ الْأُمَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُقُوفَهُ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا بِالْوُقُوفِ بِهَا لَيْلًا ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ عَارَضَتْهُ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي رُوِيَتْ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669252مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ ثُمَّ وَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ
وَسَائِرُ أَخْبَارِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=100996مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَذَلِكَ يَنْفِي رِوَايَةَ مَنْ شَرَطَ مَعَهُ الْوُقُوفَ
بِالْمُزْدَلِفَةِ ، وَأَظُنُّ
nindex.php?page=showalam&ids=13719الْأَصَمَّ وَابْنَ عُلَيَّةَ الْقَائِلَيْنِ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ . وَاحْتَجُّوا فِيهِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْحَجِّ وُقُوفَانِ وَاتَّفَقْنَا عَلَى فَرْضِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْوُقُوفُ
بِعَرَفَةَ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ فَرْضًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَهُمَا فِي الْقُرْآنِ ؛ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الرُّكُوعَ ، وَالسُّجُودَ كَانَا فَرْضَيْنِ فِي الصَّلَاةِ . فَيُقَالُ لَهُ : أَمَّا قَوْلُكَ " إِنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مَذْكُورَيْنِ فِي الْقُرْآنِ كَانَا فَرْضَيْنِ " فَإِنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَذْكُورٍ فِي الْقُرْآنِ فَرْضًا ، وَهَذَا خُلْفٌ مِنَ الْقَوْلِ .
وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرِ الْوُقُوفَ وَإِنَّمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالذِّكْرُ لَيْسَ بِمَفْرُوضٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْوُقُوفُ فَرْضًا ؟ فَالِاحْتِجَاجُ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَاقِطٌ . فَإِنْ كَانَ أَوْجَبَهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ ، فَإِنَّهُ يُطَالَبُ
[ ص: 393 ] بِالدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِهَذَا الْقِيَاسِ ، وَذَلِكَ مَعْدُومٌ ؛ وَيُقَالُ لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ
مَكَّةَ وَسَعَى ، ثُمَّ طَافَ أَيْضًا يَوْمَ النَّحْرِ وَطَافَ لِلصَّدْرِ وَأَمَرَ بِهِ ؟ فَهَلْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الطَّوَافِ كُلِّهِ حُكْمٌ وَاحِدٌ فِي بَابِ الْإِيجَابِ ؟ فَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الطَّوَافِ نَدْبًا وَبَعْضُهُ وَاجِبًا ، فَمَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْوُقُوفِ كَذَلِكَ فَيَكُونُ بَعْضُهُ نَدْبًا وَبَعْضُهُ وَاجِبًا ؟ .