قوله تعالى : ادعوا ربكم تضرعا وخفية فيه . قال الأمر بالإخفاء للدعاء في هذه الآية : علمكم كيف تدعون ربكم ، وقال لعبد صالح رضي دعاءه : الحسن إذ نادى ربه نداء خفيا وروى مبارك عن قال : { كانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع إلا همسا } وروى الحسن قال : أبو موسى الأشعري وروى كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعهم يرفعون أصواتهم فقال : يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا سعد بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وروى خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي بكر بن خنيس عن ضرار عن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس عمل البر كله نصف العبادة والدعاء نصف العبادة وروى عن أبيه عن سالم قال : عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه : في هذه الآية وما ذكرنا من الآثار دليل على أن إخفاء الدعاء أفضل من إظهاره ؛ لأن الخفية هي السر ، روي ذلك عن أبو بكر ابن عباس { وفي ذلك دليل على أن إخفاء آمين } بعد قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة أفضل من إظهاره لأنه دعاء ، والدليل عليه ما روي في تأويل قوله تعالى والحسن قد أجيبت دعوتكما قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فسماهما الله داعيين . وقال بعض أهل العلم : إنما كان إخفاء الدعاء أفضل لأنه لا يشوبه رياء ، وأما التضرع فإنه قد قيل إنه الميل في الجهات ، يقال يضرع الرجل ضرعا إذا مال بأصبعيه يمينا وشمالا خوفا وذلا ، قال : ومنه ضرع الشاة لأن اللبن يميل إليه ، [ ص: 209 ] والمضارعة المشابهة لأنها تميل إلى شبهه نحو المقاربة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يدعو ويشير بالسبابة وقال : ابن عباس لقد رئي النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة رافعا يديه يدعو حتى إنه ليرى ما تحت إبطيه وقال : أنس وفيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رفع اليدين في الدعاء والإشارة بالسبابة دليل على صحة تأويل من تأول التضرع على تحويل الأصبع يمينا وشمالا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فمد يديه حتى رأيت بياض إبطيه