وأما لأن لفظ "المحسوس" يراد به ما هو محسوس لنا [ ص: 93 ] بالفعل، وما يمكن إحساسه، ولا ريب أن المحسوسات بالفعل لها مبادئ غير محسوسة. قوله: "إذا كانت للمحسوسات مبادئ كانت غير محسوسة"، فتلبيس
لكن لم قلت: إن كل ما يمكن إحساسه له مبدأ لا يمكن إحساسه؟" هذه حكاية المذهب.
وأما قوله: "ولهذا كان الوهم مساعدا للعقل في الأصول التي تنتج وجود تلك المبادئ، فإذا تعديا معا إلى النتيجة نكص الوهم وامتنع عن قبول ما سلم موجبه"، فهذا ممنوع.
وقد عرف أن أدلته على إثبات ذلك من جنس هذه الأدلة التي أثبت بها الموجودات العقلية الثابتة في الخارج بإثبات كليات، وهو مثل إثباته لما كان خارج الذهن.
ثم يقال له: الوهم المساعد للعقل: إن أردت به ما سميته وهما، وهو ما يتصور في المحسوسات الجزئية معاني غير محسوسة، كالصداقة والعداوة، فليس في هذه التصورات مقدمة تساعد على إثبات موجود لا يمكن الإحساس به، بل تلك المقدمات مثل إثبات الكليات وأمثالها ليس فيها مقدمة يتصورها هذا الوهم.
وإن أردت بالوهم المساعد ما يقضي قضايا كلية، مثل قضاء الذهن بأن بين هذا الإنسان وهذا الإنسان إنسانية مشتركة، ونحو ذلك، فهذه قضايا عقلية لا وهمية.