الثاني: من جهة دعواه أنه إذا علم الكسوف على الوجه الكلي، علم جميع صفاته وعوارضه، وعلى هذا فيعلم وجود الإنسان علما كليا، مع علمه بجميع صفاته وعوارضه، وهذا باطل. فإن الصفات والعوارض التي يتصف بها الإنسان وتعرض له، لا يشترك فيها الإنسان، بل ما من إنسان إلا وله صفات وعوارض لا يشركه فيها غيره، كالسحنة والنغمة، فلا يشترك اثنان في سحنة ولا نغمة.
وهذا وإن كان الناس يشتركون في أن لهذا رأسا، ولهذا رأسا، ولهذا قلبا وكبدا، ولهذا قلبا وكبدا، ولهذا وجها، ولهذا وجها، فما من شيئين من ذلك يستويان من كل وجه، بل لكل من ذلك صفة تخصه. فكيف يتصور أن يعلم تلك الخصائص من لا يعلم إلا الكليات المشتركة التي لا اختصاص فيها؟ من دلائل ربوبيته، وأنه بكل شيء عليم، فيمتنع أن يعلم جميع ما يتصف به الإنسان ويعرض له علما كليا، وكثير من ذلك، بل أكثره، علم يختص بالواحد من الناس، جزئي لا يشركه فيه غيره،