[ ص: 96 ] النوع الثالث .
. معرفة النهاري والليلي
أمثلة النهاري كثيرة . قال ابن حبيب : نزل أكثر القرآن نهارا; وأما الليلي فتتبعت له أمثلة :
منها : ، ففي الصحيحين من حديث آية تحويل القبلة : ابن عمر بقباء في صلاة الصبح ، إذ أتاهم آت فقال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أمر أن يستقبل القبلة . بينما الناس
وروى مسلم عن أنس : بيت المقدس ، فنزلت : قد نرى تقلب وجهك في السماء [ البقرة : 144 ] الآية . فمر رجل من بني سلمة ، وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة ، فنادى : ألا إن القبلة قد حولت ، فمالوا كلهم نحو القبلة . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي نحو
لكن في الصحيحين عن البراء : بيت المقدس ستة عشر - أو سبعة عشر شهرا - وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ، وإنه أول صلاة صلاها العصر وصلى معه قوم ، فخرج رجل ممن صلى معه ، فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال : أشهد بالله ، لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الكعبة ، فداروا كما هم قبل البيت . فهذا يقتضي أنها نزلت نهارا بين الظهر والعصر . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل
قال القاضي جلال الدين : والأرجح بمقتضى الاستدلال نزولها بالليل ; لأن قضية أهل قباء كانت في الصبح ، وقباء قريبة من المدينة ، فيبعد أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر البيان لهم من العصر إلى الصبح .
[ ص: 97 ] وقال ابن حجر : الأقوى أن نزولها كان نهارا ، والجواب عن حديث : أن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل ابن عمر المدينة وهم بنو حارثة ، ووصل وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة ، وهم بنو عمرو بن عوف أهل قباء . وقوله : ( قد أنزل عليه الليلة ) مجاز ، من إطلاق الليلة على بعض اليوم الماضي والذي يليه .
قلت : ويؤيد هذا ما أخرجه عن النسائي أبي سعيد بن المعلى ، قال : مررنا يوما ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر فقلت : لقد حدث أمر ، فجلست ، فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : قد نرى تقلب وجهك في السماء حتى فرغ منها ، ثم نزل فصلى الظهر .
ومنها : ، أخرج أواخر آل عمران ، في صحيحه ، ابن حبان وابن المنذر ، وابن مردويه ، في كتاب التفكر عن وابن أبي الدنيا عائشة : أن بلالا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤذنه لصلاة الصبح ، فوجده يبكي فقال : يا رسول الله ، ما يبكيك ؟ قال : وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي هذه الليلة : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب [ آل عمران : 190 ] ، ثم قال : ويل لمن قرأها ولم يتفكر .
ومنها : والله يعصمك من الناس [ المائدة : 67 ] أخرج الترمذي والحاكم ، عن عائشة قالت : . كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرس ، حتى نزلت ، فأخرج رأسه من القبة ، فقال : أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله
وأخرج عن الطبراني ، عصمة بن مالك الخطمي ، قال : كنا نحرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل حتى نزلت ، فترك الحرس .
ومنها : ، أخرج سورة الأنعام الطبراني وأبو عبيد في فضائله ، عن قال : [ ص: 98 ] نزلت سورة الأنعام ابن عباس بمكة ليلا جملة ، حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح .
ومنها : ، ففي الصحيحين من حديث آية الثلاثة الذين خلفوا كعب : فأنزل الله توبتنا حتى بقي الثلث الأخير من الليل .
ومنها : ; روى سورة مريم عن الطبراني أبي مريم الغساني ، قال : . أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ولدت لي الليلة جارية ، فقال : والليلة نزلت علي سورة مريم ، سمها مريم
ومنها : ، ذكره أول الحج ابن حبيب ومحمد بن بركات السعدي في كتابه الناسخ والمنسوخ وجزم به السخاوي في " جمال القراء " . وقد يستدل له بما أخرجه ابن مردويه ، عن : أنها نزلت والنبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، وقد نعس بعض القوم وتفرق بعضهم فرفع بها صوته . . الحديث . عمران بن حصين
ومنها : ، قال القاضي آية الإذن في خروج النسوة في الأحزاب جلال الدين : والظاهر [ ص: 99 ] أنها ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك الآية [ الأحزاب : 59 ] . ففي عن البخاري عائشة : بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها ، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها ، فرآها سودة عمر ، فقال : يا ، أما والله ما تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين . قالت : فانكفأت راجعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه ليتعشى وفي يده عرق ، فقلت : يا رسول الله ، خرجت لبعض حاجتي ، فقال لي سودة عمر كذا ; فأوحى الله إليه وإن العرق في يده ما وضعه ، فقال : إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن . خرجت
قال القاضي جلال الدين : وإنما قلنا : إن ذلك كان ليلا ; لأنهن إنما كن يخرجن للحاجة ليلا ، كما في الصحيح عن عائشة في حديث الإفك .
ومنها : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا [ الزخرف : 45 ] على قول ابن حبيب : إنها نزلت ليلة الإسراء .
ومنها : ، ففي أول الفتح من حديث : البخاري إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) . . . . . الحديث . لقد نزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس فقرأ (
ومنها : ، كما أخرجه سورة المنافقين الترمذي ، عن . زيد بن أرقم
ومنها : ، قال سورة ( والمرسلات ) السخاوي في " جمال القراء " : روي عن أنها نزلت ليلة الحية ابن مسعود بحراء .
قلت : هذا أثر لا يعرف ، ثم رأيت في صحيح الإسماعيلي ، وهو مستخرجه على [ ص: 100 ] أنها نزلت ليلة عرفة بغار البخاري منى ، وهو في الصحيحين بدون قوله ليلة : عرفة . والمراد بها : ليلة التاسع من ذي الحجة ، فإنها التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيتها بمنى .
ومنها : ، فقد قال المعوذتان ابن أشتة في المصاحف : أنبأنا محمد بن يعقوب ، نبأنا أبو داود ، نبأنا ، نبأنا عثمان بن أبي شيبة جرير ، عن بيان ، عن قيس ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عقبة بن عامر الجهني قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس . أنزلت علي الليلة آيات لم ير مثلهن :
ومنه : ما نزل بين الليل والنهار في وقت الصبح ، وذلك آيات .
منها : ، ففي الصحيح عن آية التيمم في المائدة عائشة : وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يجد ، فنزلت : ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة إلى قوله لعلكم تشكرون [ المائدة : 6 ] .
ومنها : ليس لك من الأمر شيء [ آل عمران : 128 ] . ففي الصحيح : أنها نزلت وهو في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح ، حين أراد أن يقنت يدعو على أبي سفيان ، ومن ذكر معه .
تنبيه : فإن قلت : فما تصنع بحديث جابر مرفوعا : أصدق الرؤيا ما كان نهارا ; لأن الله خصني بالوحي نهارا . أخرجه الحاكم في تاريخه .
قلت : هذا الحديث منكر لا يحتج به .