[ ص: 566 ] قاعدة : في التذكير والتأنيث      :  
التأنيث ضربان : حقيقي وغيره      :  
فالحقيقي : لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالبا ; إلا إن وقع فصل ، وكلما كثر الفصل حسن الحذف ، والإثبات مع الحقيقي أولى ، ما لم يكن جمعا .  
وأما غير الحقيقي : فالحذف فيه مع الفصل أحسن ، نحو :  فمن جاءه موعظة من ربه      [ البقرة : 275 ]  قد كان لكم آية      [ آل عمران : 13 ] فإن كثر الفصل ازداد حسنا ، نحو :  وأخذ الذين ظلموا الصيحة      [ هود : 67 ] والإثبات أيضا حسن نحو : (  وأخذت الذين ظلموا الصيحة      ) [ هود : 94 ] فجمع بينهما في سورة هود .  
وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف . واستدل بأن الله قدمه على الإثبات ، حيث جمع بينهما .  
ويجوز الحذف أيضا مع عدم الفصل حيث الإسناد إلى ظاهره ، فإن كان إلى ضميره امتنع .  
وحيث وقع ضمير أو إشارة بين مبتدإ وخبر ، أحدهما مذكر والآخر مؤنث ، جاز في الضمير والإشارة التذكير والتأنيث كقوله تعالى :  قال هذا رحمة من ربي      [ الكهف : 98 ] . فذكر والخبر مؤنث ، لتقدم المبتدإ وهو مذكر ، وقوله تعالى :  فذانك برهانان من ربك      [ القصص : 32 ] ذكر والمشار إليه اليد والعصا ، وهما مؤنثان لتذكير الخبر وهو برهانان .  
وكل أسماء الأجناس يجوز فيها التذكير حملا على الجنس ، والتأنيث حملا على الجماعة ، كقوله  أعجاز نخل خاوية      [ الحاقة : 7 ]  أعجاز نخل منقعر      [ القمر : 20 ] .  إن البقر تشابه علينا      [ البقرة : 70 ] وقرئ : ( تشابهت ) .  السماء منفطر به      [ المزمل : 18 ] .  إذا السماء انفطرت      [ الانفطار : 1 ] .  
وجعل منه بعضهم :  جاءتها ريح عاصف      [ يونس : 22 ] .  ولسليمان الريح عاصفة      [ الأنبياء : 81 ] .  
وقد سئل :  ما الفرق بين قوله تعالى :  فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة      [ النحل : 36 ] . وقوله  فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة       [ الأعراف : 30 ] .  
وأجيب بأن ذلك لوجهين :  
لفظي : وهو كثرة حروف الفاصل في الثاني ، والحذف مع كثرة الحواجز أكثر .  
 [ ص: 567 ] ومعنوي : وهو أن ( من ) في قوله  من حقت   راجعة إلى الجماعة ، وهي مؤنثة لفظا ، بدليل :  ولقد بعثنا في كل أمة رسولا   ثم قال :  ومنهم من حقت عليه الضلالة      [ النحل : 36 ] أي : من تلك الأمم ، ولو قال : ( ضلت ) لتعينت التاء ، والكلامان واحد ، وإذا كان معناهما واحدا كان إثبات التاء أحسن من تركها ; لأنها ثابتة فيما هو من معناه ، وأما (  فريقا هدى      ) . الآية ، فالفريق يذكر ، ولو قال ( فريق ضلوا ) لكان بغير تاء . وقوله : (  حق عليهم الضلالة      ) في معناه فجاء بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب أن يدعوا حكم اللفظ الواجب في قياس لغتهم - إذا كان في مرتبة كلمة لا يجب لها ذلك الحكم .  
				
						
						
