[ ص: 156 ] النوع السادس عشر .
في كيفية إنزاله .
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
قال - تعالى - : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن [ البقرة : 185 ] . وقال : إنا أنزلناه في ليلة القدر [ القدر : 1 ] .
اختلف في على ثلاثة أقوال : كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ
أحدها : وهو الأصح الأشهر : أنه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ، ثم نزل بعد ذلك منجما في عشرين سنة ، أو ثلاثة وعشرين ، أو خمسة وعشرين ، على حسب الخلاف في مدة إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة بعد البعثة .
أخرج الحاكم والبيهقي وغيرهما من طريق منصور ، عن سعيد بن جبير ، عن ، قال : أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا ، وكان بمواقع النجوم ، وكان الله ينزله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضه في إثر بعض . ابن عباس
وأخرج الحاكم والبيهقي أيضا من طريق والنسائي عن داود بن أبي هند ، عكرمة ، عن : أنزل القرآن في ليلة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ، ثم أنزل بعد ذلك بعشرين سنة ، ثم قرأ ابن عباس ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا [ الفرقان : 33 ] . وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا [ الإسراء : 106 ] .
[ ص: 157 ] وأخرجه من هذا الوجه ، وفي آخره : فكان المشركون إذا أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا . ابن أبي حاتم
وأخرج الحاكم من طريق وابن أبي شيبة حسان بن حريث ، عن عن سعيد بن جبير ، ، قال : ابن عباس جبريل ينزل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - . فصل القرآن من الذكر ، فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا ، فجعل
أسانيدها كلها صحيحة .
وأخرج الطبراني من وجه آخر عنه قال : أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ، ونزله والبزار جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بجواب كلام العباد وأعمالهم .
وأخرج في فضائل القرآن ، من وجه آخر عنه : دفع إلى ابن أبي شيبة جبريل في ليلة القدر جملة واحدة ، فوضعه في بيت العزة ، ثم جعل ينزله تنزيلا .
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عن السدي ، محمد ، عن ابن أبي المجالد ، عن مقسم ، عن أنه سأل ابن عباس عطية بن الأسود فقال : أوقع في قلبي الشك قوله - تعالى - : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن [ البقرة : 185 ] وقوله إنا أنزلناه في ليلة القدر وهذا نزل في شوال وفي ذي القعدة وذي الحجة وفي المحرم [ ص: 158 ] وصفر وشهر ربيع ؟ فقال : إنه أنزل في رمضان في ليلة القدر جملة واحدة ، ثم أنزل على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام . ابن عباس
قال أبو شامة : قوله ( رسلا ) : أي : رفقا ، ( وعلى مواقع النجوم ) أي : على مثل [ مواقع النجوم ، ومواقعها ] : مساقطها ، يريد أنزل في رمضان في ليلة القدر جملة واحدة ، ثم أنزل على ما وقع مفرقا يتلو بعضه بعضا ، على تؤدة ورفق .
القول الثاني : أنه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة قدر ، أوثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، في كل ليلة ما يقدر الله إنزاله في كل السنة ، ثم أنزل بعد ذلك منجما في جميع السنة .
وهذا القول ذكره بحثا ، فقال : يحتمل أنه كان ينزل في كل ليلة قدر ما يحتاج الناس إلى إنزاله إلى مثلها ، من اللوح إلى السماء الدنيا . ثم توقف ، هل هذا أولى أو الأول ! . الإمام فخر الدين الرازي
قال ابن كثير : وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبي ، عن وحكى الإجماع على أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا . مقاتل بن حيان
قلت : وممن قال بقول مقاتل : الحليمي والماوردي ، ويوافقه قول : ابن شهاب . آخر القرآن عهدا بالعرش آية الدين
القول الثالث : أنه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات . وبه قال . الشعبي
قال ابن حجر في شرح : والأول هو الصحيح المعتمد ، قال : وقد حكى البخاري الماوردي قولا رابعا : أنه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة ، وأن الحفظة نجمته على جبريل في عشرين ليلة ، وأن جبريل نجمه على النبي - صلى الله عليه وسلم - في عشرين سنة . وهذا أيضا غريب .