فوائد منثورة :
قال بعضهم : ، إلا في آيتين : آية العدة في البقرة ، وقوله ليس في القرآن ناسخ إلا والمنسوخ قبله في الترتيب لا يحل لك النساء [ الأحزاب : 52 ] . تقدم .
وزاد بعضهم ثالثة ، وهي آية الحشر في الفيء على رأي من قال : إنها منسوخة بآية الأنفال : واعلموا أنما غنمتم من شيء [ الأنفال : 41 ] .
وزاد قوم رابعة ، وهي قوله : خذ العفو [ الأعراف : 199 ] . يعني الفضل من أموالهم ، على رأي من قال : إنها منسوخة بآية الزكاة .
وقال ابن العربي : كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار ، والتولي والإعراض والكف عنهم ، فهو منسوخ بآية السيف ، وهي : فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين الآية [ التوبة : 5 ] . نسخت مائة وأربعا وعشرين آية ، ثم نسخ آخرها أولها . انتهى .
وقد تقدم ما فيه .
وقال أيضا : من عجيب المنسوخ قوله تعالى : خذ العفو الآية ، فإن أولها وآخرها ، وهو : وأعرض عن الجاهلين [ الأعراف : 199 ] منسوخ ووسطها محكم ; وهو : وأمر بالعرف [ الأعراف : 199 ] .
وقال : من عجيبه - أيضا - آية أولها منسوخ وآخرها ناسخ ، ولا نظير لها وهي قوله : عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم . [ المائدة : 105 ] يعني بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذا ناسخ لقوله ( عليكم أنفسكم ) .
وقال السعيدي : لم يمكث منسوخ مدة أكثر من قوله تعالى : قل ما كنت بدعا من الرسل [ الأحقاف : 9 ] الآية ، مكثت ست عشرة سنة حتى نسخها أول الفتح عام الحديبية .
[ ص: 660 ] وذكر هبة الله بن سلامة الضرير أنه قال في قوله تعالى : ويطعمون الطعام على حبه [ الإنسان : 8 ] الآية : إن المنسوخ من هذه الجملة ( وأسيرا ) والمراد بذلك أسير المشركين . فقرئ عليه الكتاب وابنته تسمع . فلما انتهى إلى هذا الموضع ، قالت له : أخطأت يا أبت ، قال : وكيف ؟ قالت : أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعا . فقال : صدقت .
وقال شيذلة في البرهان : يجوز نسخ الناسخ فيصير منسوخا ، كقوله لكم دينكم ولي دين [ الكافرون : 6 ] نسخها قوله تعالى : فاقتلوا المشركين [ التوبة : 5 ] ، ثم نسخ هذه بقوله : حتى يعطوا الجزية [ التوبة : 29 ] كذا قال ، وفيه نظر من وجهين :
أحدهما : ما تقدمت الإشارة إليه .
والآخر : أن قوله : حتى يعطوا الجزية [ التوبة : 29 ] مخصص للآية لا ناسخ ، نعم يمثل له بأخر سورة المزمل ، فإنه ناسخ لأولها ، منسوخ بفرض الصلوات .
وقوله : انفروا خفافا وثقالا [ التوبة : 41 ] ناسخ لآيات الكف ، منسوخ بآيات العذر .
وأخرج أبو عبيد ، عن الحسن وأبي ميسرة ، قالا : ليس في المائدة منسوخ .
ويشكل بما في المستدرك عن : أن قوله : ابن عباس فاحكم بينهم أو أعرض عنهم [ المائدة : 42 ] . منسوخ بقوله : وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] .
وأخرج أبو عبيد وغيره ، عن ، قال : أول ما نسخ من القرآن نسخ القبلة . ابن عباس
[ ص: 661 ] وأخرج أبو داود في ناسخه من وجه آخر عنه قال : أول آية نسخت من القرآن القبلة ، ثم الصيام الأول .
قال : وعلى هذا فلم يقع في المكي ناسخ . قال : وقد ذكر أنه وقع في آيات : منها قوله تعالى : في سورة غافر : يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا [ غافر : 7 ] . فإنه ناسخ لقوله : مكي ويستغفرون لمن في الأرض [ الشورى : 5 ] .
قلت : أحسن من هذه نسخ قيام الليل في أول سورة المزمل بآخرها ، أو بإيجاب الصلوات الخمس ، وذلك بمكة اتفاقا .