فصل .  
القصد بالخبر إفادة المخاطب   ، وقد يرد بمعنى الأمر : نحو :  والوالدات يرضعن      [ البقرة : 233 ] ،  والمطلقات يتربصن      [ البقرة : 228 ] ، وبمعنى النهي : نحو :  لا يمسه إلا المطهرون      [ الواقعة : 79 ] ، وبمعنى الدعاء : نحو :  وإياك نستعين      [ الفاتحة : 50 ] ؛ أي : أعنا . ومنه :  تبت يدا أبي لهب وتب      [ المسد : 1 ] ، فإنه دعاء عليه ، وكذا :  غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا      [ المائدة : 24 ] . وجعل منه قوم :  حصرت صدورهم      [ النساء : 90 ] ، قالوا : هو دعاء عليهم بضيق صدورهم عن قتال أحد .  
 [ ص: 132 ] ونازع  ابن العربي  في قولهم : إن الخبر يرد بمعنى الأمر أو النهي .  
قال في قوله تعالى :  فلا رفث      [ البقرة : 197 ] ، ليس نفيا لوجود الرفث ، بل نفي لمشروعيته ، فإن الرفث يوجد من بعض الناس ، وأخبار الله تعالى لا يجوز أن تقع بخلاف مخبره ، وإنما يرجع النفي إلى وجوده مشروعا لا إلى وجوده محسوسا ، كقوله :  والمطلقات يتربصن      [ البقرة : 228 ] ، ومعناه مشروعا لا محسوسا ، فإنا نجد مطلقات لا يتربصن ، فعاد النفي إلى الحكم الشرعي لا إلى الوجود الحسي . وكذا :  لا يمسه إلا المطهرون      [ الواقعة : 79 ] ؛ أي : لا يمسه أحد منهم شرعا ، فإن وجد المس فعلى خلاف حكم الشرع .  
قال : وهذه الدفينة التي فاتت العلماء ، فقالوا : إن الخبر يكون بمعنى النهي ، وما وجد ذلك قط ، ولا يصح أن يوجد ، فإنهما مختلفان حقيقة ، ويتباينان وضعا . انتهى .  
				
						
						
