فرع من أقسام الخبر : ، بل هو شطر الكلام كله ، والفرق بينه وبين الجحد أن النافي إن كان صادقا سمي كلامه نفيا ، ولا يسمى جحدا ، وإن كان كاذبا سمي جحدا ونفيا أيضا ، فكل جحد نفي ، وليس كل نفي جحدا . ذكره النفي أبو جعفر النحاس وغيرهما . وابن الشجري
مثال النفي : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم [ الأحزاب : 40 ] .
ومثال الجحد نفي فرعون وقومه آيات موسى . قال تعالى : فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم [ النمل : 13 ، 14 ] .
وأدوات النفي : لا ، ولات ، وليس ، وما ، وإن ، ولم ، ولما . وقد تقدمت معانيها وما [ ص: 134 ] افترقت فيه في نوع الأدوات .
ونورد هنا فائدة زائدة ، قال الخويي : أصل أدوات النفي ( لا ) و ( ما ) ؛ لأن النفي إما في الماضي ، وإما في المستقبل ، والاستقبال أكثر من الماضي أبدا ، و ( لا ) أخف من ( ما ) ، فوضعوا الأخف للأكثر .
ثم إن النفي في الماضي إما أن يكون نفيا واحدا مستمرا ، أو نفيا فيه أحكام متعددة ، وكذلك النفي في المستقبل ، فصار النفي على أربعة أقسام ، واختاروا له أربع كلمات : ما ، ولم ، ولن ، ولا . وأما إن ولما فليسا بأصلين ، فما ولا في الماضي والمستقبل متقابلان ، ولم كأنه مأخوذ من لا وما ; لأن لم نفي للاستقبال لفظا والمضي معنى ، فأخذ اللام من ( لا ) التي هي لنفي المستقبل ، والميم من ( ما ) التي هي لنفي الماضي ، وجمع بينهما إشارة إلى أن في ( لم ) إشارة إلى المستقبل والماضي ، وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن ( لا ) هي أصل النفي ; ولهذا ينفى بها في أثناء الكلام فيقال : لم يفعل زيد ولا عمرو .
وأما ( لما ) فتركيب بعد تركيب ، كأنه قال : ( لم ) و ( ما ) لتوكيد معنى النفي في الماضي ، وتفيد الاستقبال أيضا ، ولهذا تفيد ( لما ) الاستمرار .