تنبيهات .
الأول : أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه ، ولا يلزم عليه أن يكون في ( أنت صديقي ) التفات . شرط الالتفاف
الثاني : شرطه أيضا أن يكون في جملتين ، صرح به صاحب الكشاف وغيره ، وإلا يلزم عليه أن يكون نوعا غريبا .
الثالث : ذكر التنوخي في " الأقصى القريب " وغيرهما نوعا غريبا من الالتفات ؛ وهو بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلمه كقوله : وابن الأثير غير المغضوب عليهم بعد أنعمت ، فإن المعنى : ( غير الذين غضبت عليهم ) ، وتوقف فيه صاحب " عروس الأفراح " .
الرابع : قال ابن أبي الإصبع : جاء في القرآن من الالتفات قسم غريب جدا ، لم أظفر في الشعر بمثاله ؛ وهو أن يقدم المتكلم في كلامه مذكورين مرتبين ، ثم يخبر عن الأول منهما ، وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني ، ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله : إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد [ العاديات : 6 ، 7 ] ، انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى ، ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان : وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات : 8 ] ، قال : وهذا يحسن أن يسمى التفات الضمائر .
الخامس : يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر ، ذكره التنوخي ، وهو ستة أقسام أيضا . وابن الأثير
مثاله من الواحد إلى الاثنين : قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض [ يونس : 78 ] ، وإلى الجمع : ياأيها النبي إذا طلقتم النساء [ الطلاق : 1 ] .
[ ص: 160 ] ومن الاثنين إلى الواحد : فمن ربكما ياموسى [ طه : 49 ] ، فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى [ طه : 117 ] .
وإلى الجمع : وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة [ يونس : 87 ] .
ومن الجمع إلى الواحد : وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين [ يونس : 87 ] .
وإلى الاثنين : يامعشر الجن والإنس إن استطعتم إلى قوله : فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 33 ، 34 ] .
السادس : ويقرب منه أيضا الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر .
مثاله من الماضي إلى المضارع : أرسل الرياح فتثير [ فاطر : 9 ] ، خر من السماء فتخطفه الطير [ الحج : 31 ] ، إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله [ الحج : 25 ] .
وإلى الأمر : قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم [ الأعراف : 2 ] ، وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا [ الحج : 30 ] .
ومن المضارع إلى الماضي : ويوم ينفخ في الصور ففزع [ النمل : 87 ] ، ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم [ الكهف : 47 ] .
وإلى الأمر : قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء [ هود : 54 ] .
ومن الأمر إلى الماضي : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا [ البقرة : 125 ] .
وإلى المضارع : وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون [ الأنعام : 72 ] .