[ ص: 193 ] فصل .
قد ، وهو كثير . وقد يكون لها اسمان فأكثر ; ومن ذلك : يكون للسورة اسم واحد
الفاتحة : وقد وقفت لها على نيف وعشرين اسما ، وذلك يدل على شرفها ، فإن كثرة الأسماء دالة على شرف المسمى .
أحدها : : أخرج فاتحة الكتاب ، من طريق ابن جرير ، عن ابن أبي ذئب المقبري ، عن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة ، . هي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني
وسميت بذلك لأنه يفتتح بها في المصاحف ، وفي التعليم ، وفي القراءة في الصلاة .
وقيل : لأنها أول سورة أنزلت .
وقيل : لأنها أول سورة كتبت في اللوح المحفوظ . حكاه المرسي ، وقال : إنه يحتاج إلى نقل .
وقيل : ; لأن الحمد فاتحة كل كلام .
وقيل : لأنها فاتحة كل كتاب . حكاه المرسي . ورد : بأن الذي افتتح به كل كتاب هو الحمد فقط لا جميع السورة ، وبأن الظاهر : أن المراد بالكتاب القرآن ، لا جنس الكتاب .
قال : لأنه قد روي من أسمائها فاتحة القرآن ، فيكون المراد بالكتاب والقرآن واحدا .
ثانيها : فاتحة القرآن : كما أشار إليه المرسي .
وثالثها ورابعها : أم الكتاب ، وأم القرآن : وقد كره أن تسمى أم الكتاب ، وكره ابن سيرين الحسن أن تسمى أم القرآن ووافقهما لأن أم الكتاب هو اللوح المحفوظ ، قال - تعالى - : بقي بن مخلد; وعنده أم الكتاب [ الرعد : 39 ] . وإنه في أم الكتاب [ الزخرف : 4 ] وآيات الحلال والحرام ، قال - تعالى - : آيات محكمات هن أم الكتاب [ آل عمران : 7 ] ، قال المرسي : وقد روي حديث لا يصح : لا يقولن أحدكم أم الكتاب وليقل فاتحة الكتاب .
قلت : هذا لا أصل له في شيء من كتب الحديث ، وإنما أخرجه ابن الضريس بهذا [ ص: 194 ] اللفظ ، عن ، فالتبس على ابن سيرين المرسي ، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة تسميتها بذلك ، فأخرج وصححه من حديث الدارقطني مرفوعا : أبي هريرة . إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم ; إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني
واختلف : لم سميت بذلك ؟ فقيل : لأنها يبدأ بكتابتها في المصاحف وبقراءتها في الصلاة قبل السورة ، قاله أبو عبيدة في مجازه ، وجزم به في صحيحه . البخاري
واستشكل بأن ذلك يناسب تسميتها فاتحة الكتاب ، لا أم الكتاب . وأجيب بأن ذلك بالنظر بأن الأم مبدأ الولد .
قال الماوردي : سميت بذلك لتقدمها وتأخر ما سواها تبعا لها ; لأنها أمته ، أي : تقدمته ; ولهذا يقال لراية الحرب : أم ، لتقدمها واتباع الجيش لها ، ويقال لما مضى من سني إنسان : أم ، لتقدمها ولمكة : أم القرى ، على سائر القرى .
وقيل : أم الشيء : أصله ، وهي : أصل القرآن ، لانطوائها على جميع أغراض القرآن وما فيه من العلوم والحكم ، كما سيأتي تقريره في النوع الثالث والسبعين .
وقيل : سميت بذلك لأنها أفضل السور ، كما يقال لرئيس القوم : أم القوم .
وقيل : لأن حرمتها كحرمة القرآن كله .
وقيل : لأن مفزع أهل الإيمان إليها . كما يقال للراية : أم ; لأن مفزع العسكر إليها .
وقيل : لأنها محكمة والمحكمات أم الكتاب .
خامسها : القرآن العظيم : روى أحمد ، عن أبي هريرة وسميت بذلك لاشتمالها على المعاني التي في القرآن . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأم القرآن : هي أم القرآن وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم
سادسها : السبع المثاني : ورد تسميتها بذلك في الحديث المذكور ، وأحاديث كثيرة أما تسميتها سبعا ، فلأنها سبع آيات . أخرج ذلك عن علي . الدارقطني
[ ص: 195 ] وقيل : فيها سبعة آداب ، في كل آية أدب ، وفيه بعد .
وقيل : لأنها خلت من سبعة أحرف : الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء . قال المرسي : وهذا أضعف مما قبله ; لأن الشيء إنما يسمى بشيء وجد فيه لا بشيء فقد منه .
وأما المثاني : فيحتمل أن يكون مشتقا من الثناء ، لما فيها من الثناء على الله تعالى . ويحتمل أن يكون من الثنيا ; لأن الله استثناها لهذه الأمة . ويحتمل أن يكون من التثنية :
قيل : لأنها تثني في كل ركعة .
ويقويه ما أخرجه - بسند حسن - عن ابن جرير عمر ، قال : السبع المثاني فاتحة الكتاب ، تثني في كل ركعة .
وقيل : لأنها تثنى بسورة أخرى .
وقيل : لأنها نزلت مرتين .
وقيل : لأنها نزلت على قسمين : ثناء ودعاء .
وقيل : لأنها كلما قرأ العبد منها آية ثناه الله بالإخبار عن فعله ، كما في الحديث .
وقيل : لأنها اجتمع فيها فصاحة المباني وبلاغة المعاني . وقيل : غير ذلك .
سابعها : الوافية : كان سفيان بن عينية يسميها به ; لأنها وافية بما في القرآن من المعاني ، قاله في الكشاف .
وقال الثعلبي : لأنها لا تقبل التصنيف ، فإن كل سورة من القرآن لو قرئ نصفها في ركعة والنصف الثاني في أخرى لجاز ، بخلافها .
قال المرسي : لأنها جمعت بين ما لله وبين ما للعبد .
ثامنها : الكنز : لما تقدم في أم القرآن . قاله في الكشاف ، وورد تسميتها بذلك في حديث أنس السابق في النوع الرابع عشر .
[ ص: 196 ] تاسعها : الكافية : لأنها تكفي في الصلاة عن غيرها ، ولا يكفي عنها غيرها .
عاشرها : الأساس : لأنها أصل القرآن وأول سورة فيه .
حادي عشرها : النور .
ثاني عشرها ، وثالث عشرها : سورة الحمد ، وسورة الشكر .
رابع عشرها ، وخامس عشرها : سورة الحمد الأولى وسورة الحمد القصرى .
سادس عشرها ، وسابع عشرها وثامن عشرها : الرقية ، والشفاء ، والشافية ، للأحاديث الآتية في نوع الخواص .
تاسع عشرها : سورة الصلاة : لتوقف الصلاة عليها .
[ العشرون ] : وقيل : إن من أسمائها الصلاة أيضا ، لحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين أي : السورة . قال المرسي : لأنها من لوازمها ; فهو من باب تسمية الشيء باسم لازمه ، وهذا الاسم العشرون .
الحادي والعشرون : سورة الدعاء لاشتمالها عليه في قوله : اهدنا .
الثاني والعشرون : سورة السؤال : لذلك ذكره الإمام فخر الدين .
الثالث والعشرون : سورة تعليم المسألة . قال المرسي : لأن فيها آداب السؤال ، لأنها بدئت بالثناء قبله .
الرابع والعشرون : سورة المناجاة ; لأن العبد يناجي فيها ربه بقوله : إياك نعبد وإياك نستعين .
الخامس والعشرون : سورة التفويض : لاشتمالها عليه في قوله : إياك نعبد وإياك نستعين فهذا ما وقفت عليه من أسمائها ، ولم تجتمع في كتاب قبل هذا .
ومن ذلك :
: كان سورة البقرة يسميها فسطاط القرآن ، وورد في حديث مرفوع في " مسند الفردوس " : وذلك لعظمها ، ولما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها ، وفي حديث المستدرك تسميتها : " سنام القرآن " ، وسنام كل شيء أعلاه . خالد بن معدان
[ ص: 197 ] وآل عمران : روى في سننه ، عن سعيد بن منصور أبي عطاف قال : اسم آل عمران في التوراة : طيبة .
وفي صحيح مسلم تسميتها والبقرة الزهراوين .
والمائدة تسمى - أيضا - العقود والمنقذة .
قال ابن الفرس : لأنها تنقذ صاحبها من ملائكة العذاب .
والأنفال : أخرج أبو الشيخ ، عن قال : قلت سعيد بن جبير : سورة الأنفال ؟ لابن عباس
قال : تلك سورة بدر .
وبراءة تسمى - أيضا - التوبة ، لقوله فيها لقد تاب الله على النبي [ التوبة : 117 ] الآية .
والفاضحة : أخرج عن البخاري ، ، قال : قلت سعيد بن جبير : سورة التوبة ؟ قال : التوبة ، بل هي الفاضحة ، ما زالت تنزل : ومنهم ، ومنهم . . حتى ظننا أن لا يبقى أحد منا إلا ذكر فيها . لابن عباس
وأخرج أبو الشيخ ، عن عكرمة ، قال : قال عمر : ما فرغ من تنزيل براءة ، حتى ظننا أنه لا يبقى منا أحد إلا سينزل فيه .
[ ص: 198 ] وكانت تسمى الفاضحة ، وسورة العذاب . أخرج الحاكم في المستدرك ، عن حذيفة ، قال : التي يسمون سورة العذاب .
أخرج أبو الشيخ ، عن ، قال : كان سعيد بن جبير إذا ذكر له سورة براءة ، فقيل : سورة التوبة . عمر بن الخطاب
قال : هي إلى العذاب أقرب ، ما كادت تقلع عن الناس ، حتى ما كادت تبقي منهم أحدا .
والمقشقشة : أخرج أبو الشيخ ، عن : أن رجلا قال زيد بن أسلم : سورة التوبة ؟ . لابن عمر
فقال : وأيتهن سورة التوبة ؟ .
فقال : براءة ، فقال : وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي ؟ ! ما كنا ندعوها إلا المقشقشة ، أي : المبرئة من النفاق .
والمنقرة : أخرج أبو الشيخ ، عن ، قال : كانت تسمى براءة المنقرة ، نقرت عما في قلوب المشركين . عبيد بن عمير
والبحوث : بفتح الباء : أخرج الحاكم ، عن المقداد أنه قيل : له : لو قعدت العام ، عن الغزو ؟ !
قال : أتت علينا البحوث يعني براءة . . . . . الحديث .
والحافرة : ذكره ابن الفرس ; لأنها حفرت عن قلوب المنافقين .
والمثيرة : أخرج عن ابن أبي حاتم ، قتادة قال : كانت هذه السورة تسمى الفاضحة ، فاضحة المنافقين ، وكان يقال لها : المثيرة ، أنبأت بمثالبهم وعوراتهم .
حكى ابن الفرس : من أسمائها المبعثرة ، وأظنه تصحيف المنقرة فإن صح كملت الأسماء العشرة - ثم رأيته كذلك - المبعثرة بخط السخاوي في " جمال القراء " وقال : لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين .
وذكر فيه - أيضا - من أسمائها : المخزية ، والمنكلة ، والمشردة ، والمدمدمة .
[ ص: 199 ] ( النحل ) : قال قتادة : تسمى سورة النعم ، أخرجه . ابن أبي حاتم
قال ابن الفرس : لما عدد الله فيها من النعم على عباده .
الإسراء : تسمى أيضا سورة ( سبحان ) وسورة بني إسرائيل .
الكهف : ويقال لها سورة أصحاب الكهف ، كذا في حديث أخرجه ابن مردويه .
وروى البيهقي من حديث مرفوعا : ابن عباس أنها تدعى في التوراة الحائلة تحول بين قارئها وبين النار . وقال : إنه منكر .
( طه ) : تسمى أيضا سورة الكليم . ذكره السخاوي في " جمال القراء " .
( الشعراء ) : وقع في تفسير الإمام مالك تسميتها بسورة الجامعة .
( النمل ) : تسمى أيضا سورة سليمان .
( السجدة ) : تسمى أيضا المضاجع .
( فاطر ) : تسمى سورة الملائكة .
أخرجه : ( يس ) : سماها - صلى الله عليه وسلم - قلب القرآن الترمذي من حديث أنس .
وأخرج البيهقي ، من حديث أبي بكر مرفوعا : سورة يس تدعى في التوراة المعمة ، تعم [ ص: 200 ] صاحبها بخيري الدنيا والآخرة ، وتدعى : الدافعة والقاضية ، تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة . وقال : إنه حديث منكر .
( الزمر ) : تسمى سورة الغرف .
( غافر ) : تسمى سورة الطول ، والمؤمن ، لقوله - تعالى - فيها وقال رجل مؤمن [ غافر : 28 ] .
( فصلت ) : تسمى السجدة ، وسورة المصابيح .
( الجاثية ) : تسمى الشريعة ، وسورة الدهر ، حكاه الكرماني في العجائب .
( محمد ) : تسمى القتال .
( ق ) : تسمى سورة الباسقات .
( اقتربت ) : تسمى القمر . وأخرج البيهقي ، عن : ابن عباس أنها تدعى في التوراة المبيضة ، تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه . وقال : إنه منكر .
( الرحمن ) : سميت في حديث : عروس القرآن أخرجه البيهقي ، عن علي مرفوعا .
( المجادلة ) : سميت في مصحف أبي : الظهار .
[ ص: 201 ] ( الحشر ) : أخرج عن البخاري ، ، قال : قلت سعيد بن جبير : سورة الحشر قال : قل سورة لابن عباس بني النضير .
قال ابن حجر : كأنه كره تسميتها بالحشر ; لئلا يظن أن المراد يوم القيامة ، وإنما المراد به هاهنا إخراج بني النضير .
( الممتحنة ) : قال ابن حجر : المشهور في هذه التسمية أنها بفتح الحاء ، وقد تكسر ، فعلى الأول : هي صفة المرأة التي نزلت السورة بسببها ، وعلى الثاني : هي صفة السورة كما قيل : لبراءة الفاضحة .
وفي " جمال القراء " : تسمى أيضا سورة الامتحان ، وسورة المودة .
( الصف ) : تسمى أيضا سورة الحواريين .
( الطلاق ) : تسمى سورة النساء القصرى ، وكذا سماها ، أخرجه ابن مسعود وغيره . البخاري
وقد أنكره الداودي ، فقال : لا أرى قوله : ( القصرى ) محفوظا ، ولا يقال في سورة من القرآن : قصرى ولا صغرى .
قال ابن حجر : وهو رد للأخبار الثابتة بلا مستند ، والقصر والطول أمر نسبي . وقد أخرج عن البخاري ، أنه قال : ( طولى الطولين ) . وأراد بذلك سورة الأعراف . زيد بن ثابت
( التحريم ) : يقال لها سورة : المتحرم وسورة لم تحرم .
( تبارك ) : تسمى سورة الملك . وأخرج الحاكم وغيره ، عن ، قال : هي في التوراة : سورة الملك ، وهي : المانعة تمنع من عذاب القبر . ابن مسعود
[ ص: 202 ] وأخرج الترمذي من حديث مرفوعا : ابن عباس . هي المانعة ، هي المنجية : تنجيه من عذاب القبر
وفي مسند عبيد من حديث مرفوعا ابن عباس أنها المنجية والمجادلة تجادل يوم القيامة عند ربها لقارئها .
وفي تاريخ ، من حديث ابن عساكر أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماها المنجية .
وأخرج عن الطبراني ، ، قال : كنا نسميها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المانعة . ابن مسعود
وفي " جمال القراء " : تسمى - أيضا - : الواقية والمانعة .
( سأل ) : تسمى المعارج والواقع .
( عم ) : يقال لها : النبأ والتساؤل والمعصرات .
( لم يكن ) : تسمى سورة أهل الكتاب ، وكذلك سميت في مصحف أبي ، وسورة البينة وسورة القيامة وسورة البرية وسورة الانفكاك ، وذكر ذلك في " جمال القراء " .
( أرأيت ) : تسمى سورة الدين ، وسورة الماعون .
[ ص: 203 ] ( الكافرون ) : تسمى المقشقشة ، أخرجه عن ابن أبي حاتم ، زرارة بن أوفى قال في " جمال القراء " : وتسمى أيضا سورة العبادة .
قال : و ( سورة النصر ) : تسمى سورة التوديع ، لما فيها من الإيماء إلى وفاته - صلى الله عليه وسلم - .
قال : و ( سورة تبت ) : تسمى سورة المسد .
و ( سورة الإخلاص ) : تسمى الأساس ، لاشتمالها على توحيد الله ، وهو أساس الدين .
قال : ( والفلق ، والناس ) : يقال لهما المعوذتان ، بكسر الواو ، والمشقشقتان ، من قولهم خطيب مشقشق .
تنبيه : قال الزركشي في البرهان : ينبغي البحث ، عن ؟ . تعداد الأسامي ، هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات
فإن كان الثاني فلم يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها ، وهو بعيد .
قال : وينبغي النظر في اختصاص كل سورة بما سميت به ، ولا شك أن العرب تراعي في كثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرب يكون في الشيء ، من خلق أو صفة تخصه ، أو تكون معه أحكم أو أكثر أو أسبق ; لإدراك الرائي للمسمى . ويسمون الجملة من الكلام والقصيدة الطويلة بما هو أشهر فيها ، وعلى ذلك جرت أسماء سور القرآن ، كتسمية سورة البقرة بهذا الاسم لقرينة قصة البقرة المذكورة فيها وعجيب الحكمة فيها ، وسميت سورة النساء بهذا الاسم لما تردد فيها شيء كثير من أحكام النساء ، وتسمية سورة الأنعام لما ورد فيها من تفصيل أحوالها ، وإن كان ورد لفظ ( الأنعام ) في غيرها ، إلا أن التفصيل الوارد في قوله تعالى : ومن الأنعام حمولة وفرشا إلى قوله : أم كنتم شهداء [ الأنعام : 142 - 144 ] لم يرد في غيرها كما ورد ذكر النساء في سور ، إلا أن ما تكرر وبسط من أحكامهن لم يرد في غير سورة النساء . وكذا سورة المائدة لم يرد ذكر المائدة في غيرها فسميت بما يخصها .
[ ص: 204 ] قال : فإن قيل : قد ورد في سورة ( هود ) ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى ، فلم خصت باسم هود وحده مع أن قصة نوح فيها أوعب وأطول ؟ .
قيل : تكررت هذه القصص في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء بأوعب مما وردت في غيرها ، ولم يتكرر في واحدة من هذه السور الثلاث اسم هود كتكرره في سورته ، فإنه تكرر فيها أربعة مواضع والتكرار من أقوى الأسباب التي ذكرنا .
قال : فإن قيل : فقد تكرر اسم نوح فيها في ستة مواضع ؟ .
قيل : لما أفردت لذكر نوح وقصته مع قومه سورة برأسها ، فلم يقع فيها غير ذلك كانت أولى بأن تسمى باسمه من سورة تضمنت قصته وقصة غيره . انتهى .
قلت : ولك أن تسأل فتقول : قد سميت سور جرت فيها قصص أنبياء بأسمائهم كسورة نوح ، وسورة هود ، وسورة إبراهيم ، وسورة يونس ، وسورة آل عمران ، وسورة طس سليمان ، وسورة يوسف ، وسورة محمد ، وسورة مريم ، وسورة لقمان ، وسورة المؤمن . وقصة أقوام كذلك ، سورة بني إسرائيل ، وسورة أصحاب الكهف ، وسورة الحجر ، وسورة سبأ وسورة الملائكة ، وسورة الجن ، وسورة المنافقين ، وسورة المطففين ، ومع هذا كله لم يفرد لموسى سورة تسمى به مع كثرة ذكره في القرآن ، حتى قال بعضهم : كاد القرآن أن يكون كله لموسى وكان أولى سورة أن تسمى به سورة طه أو سورة القصص أو الأعراف ; لبسط قصته في الثلاثة ما لم يبسط في غيرها .
وكذلك قصة آدم ، ذكرت في عدة سور ولم تسم به سورة ، كأنه اكتفاء بسورة الإنسان . وكذلك قصة الذبيح من بدائع القصص ، ولم تسم به سورة الصافات ، وقصة داود ذكرت في ( ص ) ولم تسم به فانظر في حكمة ذلك .
على أني رأيت بعد ذلك في " جمال القراء " للسخاوي : أن سورة طه تسمى سورة الكليم وسماها الهذلي في " كامله " سورة موسى ، وأن سورة ( ص ) تسمى سورة داود ، ورأيت في كلام الجعبري أن سورة ( الصافات ) تسمى سورة الذبيح وذلك يحتاج إلى مستند من الأثر .