فصل .  
كيفيات القراءة   ثلاث .  
أحدها : التحقيق : وهو إعطاء كل حرف حقه من إشباع المد وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وبيان الحروف وتفكيكها وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتؤدة وملاحظة الجائز من الوقوف : بلا قصر ولا اختلاس ، ولا إسكان محرك ولا إدغامه ، وهو يكون لرياضة الألسن وتقويم الألفاظ .  
ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط بتوليد الحروف من الحركات وتكرير الراءات وتحريك السواكن وتطنين النونات بالمبالغة في الغنات ، كما قال حمزة لبعض من سمعه يبالغ في ذلك : أما علمت أن ما فوق البياض برص ، وما فوق الجعودة قطط وما فوق القراءة ليس بقراءة ؟ .  
وكذا يحترز من الفصل بين حروف الكلمة ، كمن يقف على التاء من ( نستعين ) وقفة لطيفة ، مدعيا أنه يرتل . وهذا النوع من القراءة مذهب  حمزة   وورش  ، وقد أخرج فيه  الداني  حديثا في كتاب التجويد مسلسلا  إلى   أبي بن كعب     : أنه قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التحقيق     . وقال : إنه غريب مستقيم الإسناد .  
الثانية : الحدر : بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين ; وهو إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير ، وتخفيف الهمزة ، ونحو ذلك مما صحت به الرواية ، مع مراعاة إقامة الإعراب وتقويم اللفظ ، وتمكن الحروف بدون بتر حروف المد ، واختلاس أكثر الحركات ، وذهاب صوت الغنة ، والتفريط إلى غاية لا تصح بها      [ ص: 324 ] القراءة ، ولا توصف بها التلاوة . وهذا النوع مذهب  ابن كثير  وأبي جعفر  ، ومن قصر المنفصل  كأبي عمرو  ويعقوب     .  
الثالثة : التدوير : وهو التوسط بين المقامين من التحقيق والحدر . وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مد المنفصل ، ولم يبلغ فيه الإشباع ، وهو مذهب سائر القراء ، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء .  
تنبيه : سيأتي في النوع الذي يلي هذا استحباب الترتيل في القراءة . والفرق بينه وبين التحقيق : - فيما ذكره بعضهم - أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين ، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط ، فكل تحقيق ترتيل ، وليس كل ترتيل تحقيقا .  
				
						
						
