الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعسر الأمور رغم المداومة على الرقية، هل له دلالة معينة؟

السؤال

السلام عليكم.

هل السحر أو الحسد أو العين في البيت يمنع تقبل العبادات؟

أنا مواظب منذ مدة طويلة على الاستغفار قبل أذان الفجر بساعة، وقيام الليل، ولكن لا ألاحظ الفوائد العظيمة للاستغفار، والمذكورة في القرآن الكريم، ومداوم على قراءة سورة البقرة يومياً، ولأكثر من سنة، ولا أقرؤها بنية معينة، ولكن للبركة، ولا ألاحظ الفوائد التي ينالها من يقرؤها.

هناك خلافات كثيرة بيني وبين زوجتي، وأحياناً بعد قراءة سورة البقرة مباشرة تحدث مشكلة كبيرة جداً بيننا، وبعد أن أهدأ أفكر في سبب المشكلة التي حدثت، فأجد أن السبب تافه جداً.

بدأت بتشغيل الرقية الشرعية الكاملة للشيخ محمد جبريل، ومدتها تزيد عن 4 ساعات منذ 4 أشهر، وأقوم بتشغيلها عند النوم، ولم ألاحظ أي تغيير، ثم قمت بإضافة سورة الفاتحة والبقرة مع الرقية الشرعية، فبدأت ألاحظ أن الأغراض المنزلية والتي تحتاج إلى صيانة وتكون متوقفة منذ مدة طويلة، الله سبحانه وتعالى يهديني إلى طرق يسيرة جداً لإصلاحها.

الآن أقوم بتشغيل سورة البقرة عند النوم 7 مرات متتالية، فبدأت ألاحظ أن الخلافات الزوجية زادت بشكل كبير، ولاحظت أن إصلاح الأغراض المنزلية تعسر جداً، وأحياناً غرض بسيط يأخذ مني وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً جداً لإصلاحه.

أيضاً علي دين منذ أكثر من سنة، لم أسدد منه شيئاً إلى الآن، رغم جدي واجتهادي لتسديده، ورغم مداومتي على الأدعية التي تساعد على قضاء الدين، مع تواجد النمل بشكل كبير في جميع أنحاء البيت، رغم الحرص على النظافة باستمرار.

أفيدونا، بارك الله بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنك كل مكروه، وأن يُقدّر لك الخير، وييسّر لك أسباب السعادة.

ثانيًا: ينبغي أن تعلم -أيها الحبيب- أن العبادات التي نتعبَّدُ بها لله سبحانه وتعالى من صلاةٍ أو ذكْرٍ وقراءة قرآنٍ أو غير ذلك من العبادات، لها آثارها العاجلة والآجلة بدون شكٍّ أو تردُّدٍ، وأهمُّ آثارها رضا الله سبحانه وتعالى عن تَذَلُّلنا له، والقيام بطاعته فيما أمر، فهذا ممَّا يرضاه الله سبحانه وتعالى، وبذلك ننجو من عذاب الله، وننال ما قدّره الله تعالى لنا من الخيرات العاجلة في الدنيا، أو الآجلة في الآخرة.

لا تظنّ أبدًا أن العبادات التي تقوم بها ليس لها آثارها، فدعاؤك في الليل إن استجاب الله تعالى منك، فإنه لا بد وأن ينفعك من حيث تشعر أو لا تشعر، فأنت لا تدري ما هي الأقدار المؤلمة، التي ربما كانت أصابتك لو لم تكن مشتغلاً بهذه الأذكار وهذه الأدعية.

إن الدعاء يصعد إلى السماء والبلاء ينزل، فيعتلجان في السماء -أي يتدافعان في السماء- بهذا وردتْ الأحاديث النبوية، والأدعية، وقد أخبرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- بأن الله تعالى يستجيب لعبده إذا سأله، ولكن هذه الإجابة قد تكون بطريقة غيبية لا يُدركُها الإنسان، ومن ذلك أن يدفع الله تعالى بها من الأقدار المكروهة بقدر هذه الدعوات، أو أن يدِّخر الله تعالى له ثوابها إلى يوم القيامة، حتى إن أهل العافية الذين لم يُصابوا بشيء في الدنيا، يتمنّى أحدهم أن يقرض بالمقاريض في الدنيا، لما يرون من الثواب الذي أُعطي لغيرهم من أهل البلاء.

إذًا الثواب في الآخرة هو أحد المغانم التي نعمل نحن من أجلها، ونجتهد ونسعى لتحصيلها، والآخرة هي الحياة الحقيقية، لأنها هي الحياة الدائمة، ونعيمها هو النعيم الحق، لأنه نعيم لا يزول، وشقاؤها وعذابُها -والعياذ بالله تعالى- هو العذاب الأليم، العذاب الحق، لأنه لا ينقطع.

إذا عمل الإنسان ما يفوز به بخيرات الآخرة، وينجو به من عذابها، فهذا هو الفوز الحقيقي، وقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {كل نفسٍ ذائقة الموت وإنما تُوفون أجوركم يوم القيامة فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلَّا متاع الغرور} هذا هو الفوز الذي نسعى نحن لتحصيله، فلا ينبغي أبدًا أن تسمح للشيطان أن يتسرّب ويتسلَّل إلى قلبك، ليرمي في قلبك اليأس من فوائد هذه العبادات، والقنوط من آثارها وبركاتها.

استمر على ما أنت فيه من الخير والصلوات، والدعاء، وتحرّي أوقات الإجابة، واعلم بأن الله لا يُضيع أجر المحسنين، كما أخبر بذلك عن نفسه في كتابه العزيز.

أمَّا عن الرقية -أيها الحبيب- فنصيحتُنا لك أن ترقي نفسك بنفسك، وأن ترقى زوجتك، فالرقية أدعية وأذكار، تنفع مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به، فإذا لم تنفعك فإنها لن تضرُّك، ولا حاجة للتعلُّق بالرقاة، سواء كانت رقى مسجلة أو غير ذلك، فداوم على ذكر الله تعالى بتلاوة سورة البقرة والفاتحة وما تيسّر لك من القرآن، واقرأ على نفسك وعلى زوجتك، فإن ذلك نافع -بعون الله تعالى-.

لا تسترسل كثيرًا مع الوساوس أو الأوهام التي توحي إليك بأنك تعاني من مشكلات لا يُفهم سببها، وأن هذا قد يكون سحرًا وقد يكون حسدًا وغير ذلك، فإن هذه الأوهام مضرّتُها أكثر من محاولات علاجها، فإنها تُقيِّدُ الإنسان، وتحبط هِمّتَه، فلا يسعى بعد ذلك فيما ينفع، وإذا رأيت أنك في حاجة لمساعدة غيرك، فلا حرج عليك في أن تستعين بالثقات من الرقاة الشرعيين، فلعلّهم يُفيدونك فيما قد ينفعك.

أمَّا تفسير بعض هذه الظواهر التي ذكرتها في سؤالك، فإننا لا نملك تفسيرًا واضحًا لها، وننصحك بالاستمرار على ما أنت عليه من ملازمة ذكر الله سبحانه وتعالى، والإكثار من دعائه، واستعمال الرقية الشرعية، والاستعانة بمن تثق به من أهل الديانة، ممَّن يُمارسون الرقية الشرعية.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدِّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً