الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المجلس الثالث والعشرون

من مكارم الأخلاق  

حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا بن يحيى المحارمي، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدثنا داهر بن نوح، قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري، قال: حدثني عبد الصمد بن سليمان، عن سكين ابن أبي سراج، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، "أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أي الناس أحب إليك؟ قال: أنفعهم للناس، وإن من أحب الأعمال إلى الله تعالى سرورا يدخل على مسلم، أو يكشف عن كربة أو يسد عنه جوعا،  ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهرين في المسجد، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه لأمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخ له في حاجة حتى يثبتها ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل" .

قال القاضي: قال أبو العباس بن سعيد في سكين، يقال سكين ابن أبي سراج وسكين بن سراج، قال القاضي: وفي هذا الخبر ترغيب في أنواع من أفعال الخير وأبواب البر ومكارم الأخلاق، وذم لسوء الخلق وتكريه له، وكل فصل من فصول هذا الخبر قد أتى في معناه أخبار، ورويت في مجالسه آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين، ومن تقدمنا من الأئمة الماضين والسلف الصالحين، والخاصة من علماء المسلمين وحكماء أهل الدين، وكتابنا هذا متضمن لكثير منه متفرقا في المجالس المرسومة فيه، وحقيق على من كرمت نفسه عليه، وحببت منافعها إليه، أن يسعى في اكتساب ما يزينها ويصلحها، ويهذب أخلاقه وينقحها، ويهجر مذموم الخلائق ويطرحها، نسأل الله المعونة على ذلك بفضله وطوله، وقوته وحوله.

[ ص: 173 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية