الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ابن هرمة يرثي الحكم بن المطلب  

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرنا أبو عثمان، قال: أخبرني رجل من قريش بمكة، أحسبه قال: من ولد عبد الرحمن بن عوف، قال: حدثني حميد بن مغوث الحمصي عن أبيه، قال: كنت فيمن حضر الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنظب بن الحارث ابن عبد بن عمر بن مخزوم وهو يجود بنفسه بمنبج، قال: ولقي من الموت شدة، فقال رجل ممن حضر وهو في غشية له: اللهم هون عليه فإنه كان وكان، فلما أفاق قال: من المتكلم؟ قال: المتكلم أنا. فقال: إن ملك الموت يقول لك: إني بكل [ ص: 190 ] سخي رفيق، قال: وكأنما كانت فتيلة أطفئت، فلما بلغ موته ابن هرمة قال:


سألا عن الجود والمعروف أين هما فقلت إنهما ماتا مع الحكم     ماتا مع الرجل الموفي بذمته
يوم الحفاظ إذا لم يوف بالذمم     ماذا بمنبج لو تنشر مقابرها
من التهدم بالمعروف والكرم

قال ابن دريد: فسألت أبا حاتم عن قوله: لو تنشر مقابرها لم جزم؟ فقال: قال قوم من النحويين: كراهة لكثرة الحركات، كما قال الراجز:


إذا اعوججن قلت صاحب قوم     بالدو أمثال السفين العوم

وقال: لو قال: لو نبشت مقابرها لاستراح من اللبس وكان كلاما فصيحا.

قال القاضي: وقد بينا فيما مضى من هذه المجالس هذا النحو مما سكن في الشعر مع استحقاقه التحريك، وذكرنا ما أنشده سيبويه في هذا المعنى والاختلاف في روايته واستجازته، ما يغني عن إعادته، فأما قول أبي حاتم في معنى نبشت في لفظ الفعل الماضي وإسكان عينه، فهو كما قال: وهو مطرد في القياس وقد جاء منه شيء كثير، ومن ذلك قول أبي النجم:


لو عصر منه المسك والبان انعصر



ومثله:

رجم به الشيطان في ظلمائه



التالي السابق


الخدمات العلمية