الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 126 ] قالوا : ثم مدح قرابيننا وتوعدنا إن أهملنا ما معنا وكفرنا بما أنزل إلينا أن يعذبنا عذابا أليما لم يعذبه أحدا من العالمين بقوله ذلك في سورة المائدة :

إذ قال الحواريون ياعيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين
( 112 ) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ( 113 ) قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ( 114 ) قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين .

فالمائدة هي القربان المقدس الذي يتقرب به في كل قداس .

[ ص: 127 ] والجواب أن يقال :

هذا كذب ظاهر على القرآن في هذا الموضع ، كما كذبتم عليه في غير هذا الموضع ، فإنه ليس في الآيات ذكر قرابينكم البتة ، وإنما فيه ذكر المائدة التي أنزلها الله - تعالى - في عهد المسيح - عليه السلام - ، وقولهم : المائدة هي القربان الذي يتقرب به في كل قداس ، هو أولا : قول لا دليل عليه ، وثانيا : هو قول معلوم الفساد بالاضطرار من دين المسلمين الذين نقلوا هذا القرآن عن محمد صلى الله عليه وسلم لفظه ومعناه ، فإنهم متفقون على أن المائدة مائدة أنزلها الله من السماء على عهد المسيح - عليه السلام - ، وقصتها مشهورة في عامة الكتب تعرفها العامة والخاصة ، ولم يقل أحد إنها قرابين النصارى ، وليس في لفظ الآية ما يدل على ذلك ، بل يدل على خلاف ذلك ، فإن الآية تبين أن المائدة منزلة من السماء وقرابينهم هي عندهم في الأرض لم تنزل من السماء .

وفي الآية أن عيسى قال :

اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ( 114 ) قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين .

[ ص: 128 ] وفي أول الكلام :

إذ قال الحواريون ياعيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ( 112 ) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين .

فأين هذا من قرابينهم الموجودة اليوم ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية