وقوله : العاكف فيه والباد روي عن جماعة من السلف أن العاكف أهله والبادي من غير أهله .
قوله تعالى : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم فإن الإلحاد هو الميل عن الحق إلى الباطل ، وإنما سمي اللحد في القبر ؛ لأنه مائل إلى شق [ ص: 63 ] القبر قال الله تعالى : وذروا الذين يلحدون في أسمائه وقال : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي أي لسان الذي يومئون إليه . و " الباء " في قوله : بإلحاد زائدة ، كقوله : تنبت بالدهن أي تنبت الدهن ، وقوله تعالى : فبما رحمة من الله لنت لهم
وروي عن أنه قال ظلم الخادم فما فوقه ابن عمر بمكة إلحاد " . وقال احتكار الطعام عمر بمكة إلحاد " . وقال غيره : " الإلحاد بمكة الذنوب " . وقال : " أراد بالإلحاد الإشراك بالله " . قال الحسن : الإلحاد مذموم ؛ لأنه اسم للميل عن الحق ولا يطلق في الميل عن الباطل إلى الحق ، فالإلحاد اسم مذموم ، وخص الله تعالى أبو بكر الحرم بالوعيد في الملحد فيه تعظيما لحرمته . ولم يختلف المتأولون للآية أن الوعيد في الإلحاد مراد به من ألحد في الحرم كله وأنه غير مخصوص به المسجد ، وفي ذلك دليل على أن قوله : والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد قد أريد به الحرم ؛ لأن قوله : ومن يرد فيه بإلحاد هذه الهاء كناية عن الحرم وليس للحرم ذكر متقدم إلا قوله : والمسجد الحرام فثبت أن المراد بالمسجد ههنا الحرم كله . وقد روى عمارة بن ثوبان قال : أخبرني موسى بن زياد قال : سمعت قال : قال رسول الله يعلى بن أمية بمكة إلحاد احتكار الطعام .
وروى عن عثمان بن الأسود قال : " مجاهد إلحاد ، وليس الجالب كالمقيم " . وليس يمتنع أن يكون جميع الذنوب مرادا بقوله : بيع الطعام بمكة بإلحاد بظلم فيكون الاحتكار من ذلك وكذلك الظلم والشرك ، وهذا يدل على أن بمكة ذهب إلى أنه لما كانت الذنوب بها تتضاعف عقوبتها آثروا السلامة في ترك الجوار بها مخافة مواقعة الذنوب التي تتضاعف عقوبتها . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الذنب في الحرم أعظم منه في غيره . ويشبه أن يكون من كره الجوار وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يلحد بمكة رجل عليه مثل نصف عذاب أهل الأرض الحرم ورجل قتل غير قاتله ورجل قتل بذحول الجاهلية رجل قتل في . أعتى الناس على الله