قاعدة : ، هذا هو الجادة في القرآن ، قال تعالى : ( إذا اجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى بدئ باللفظ ثم بالمعنى ومن الناس من يقول ) ثم قال : وما هم بمؤمنين [ البقرة : 8 ] أفرد أولا باعتبار اللفظ ثم جمع باعتبار المعنى . وكذا : ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم [ الأنعام : 25 ] . ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا [ التوبة : 49 ] .
قال الشيخ علم الدين العراقي : ولم يجئ في القرآن البداءة بالحمل على المعنى إلا في موضع واحد ; وهو قوله : وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا [ الأنعام : 139 ] فأنث ( خالصا ) حملا على معنى ( ما ) ثم راعى اللفظ ، فذكر فقال : ( محرم ) . انتهى .
قال في أماليه : إذا حمل على اللفظ جاز الحمل بعده على المعنى ، وإذا حمل على المعنى ضعف الحمل بعده على اللفظ ; لأن المعنى أقوى ، فلا يبعد الرجوع إليه بعد اعتبار اللفظ ، ويضعف بعد اعتبار المعنى القوي الرجوع إلى الأضعف . ابن الحاجب
وقال في " المحتسب " لا يجوز مراجعة اللفظ بعد انصرافه عنه إلى المعنى ، وأورد عليه قوله تعالى : ابن جني ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ثم قال حتى إذا جاءنا [ الزخرف : 36 - 38 ] فقد راجع اللفظ بعد الانصراف عنه إلى المعنى .
وقال محمود بن حمزة في كتاب " العجائب " : ذهب بعض النحويين إلى أنه لا يجوز الحمل على اللفظ بعد الحمل على المعنى ، وقد جاء في القرآن بخلاف ذلك وهو قوله : خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا [ الطلاق : 11 ] ، قال ابن خالويه في كتاب ( ليس ) : القاعدة في ( من ) ونحوه الرجوع من اللفظ إلى المعنى ، ومن الواحد إلى الجمع ، ومن المذكر إلى المؤنث ، نحو : ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا [ الأحزاب : 31 ] . من أسلم وجهه لله إلى قوله : ولا خوف عليهم [ البقرة : 112 ] ، أجمع على هذا النحويون .
قال : وليس في كلام العرب ولا في شيء من العربية الرجوع من المعنى إلى اللفظ إلا في حرف واحد استخرجه ابن مجاهد ، وهو قوله تعالى : ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين [ الطلاق : 11 ] الآية ، وحد في ( يؤمن ) و ( يعمل ) و ( يدخله ) ، ثم جمع في قوله : ( خالدين ) ثم وحد في قوله : أحسن الله له رزقا [ الطلاق : 11 ] فرجع بعد الجمع إلى التوحيد .