[ العكس ]
: هو أن يؤتى بكلام يقدم فيه جزء ويؤخر آخر ثم يقدم المؤخر ويؤخر المقدم كقوله تعالى : العكس ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء [ الأنعام : 52 ] ، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل [ الحج : 61 ] ، ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي [ يونس : 31 ] ، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن [ البقرة : 187 ] ، لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن [ الممتحنة : 10 ] .
[ ص: 175 ] وقد سئل عن الحكمة في عكس هذا اللفظ فأجاب ابن المنير بأن فائدته الإشارة إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة .
وقال الشيخ بدر الدين بن الصاحب : الحق أن كل واحد من فعل المؤمنة والكافر منفي عنه الحل ، أما فعل المؤمنة فيحرم لأنها مخاطبة ، وأما فعل الكافر فنفي عنه الحل باعتبار أن هذا الوطء مشتمل على المفسدة ، فليس الكفار مورد الخطاب ، بل الأئمة ومن قام مقامهم مخاطبون بمنع ذلك ؛ لأن الشرع أمر بإخلاء الوجود من المفاسد ، فاتضح أن المؤمنة نفي عنها الحل باعتبار ، والكافر نفي عنه الحل باعتبار .
قال ابن أبي الإصبع : ومن غريب أسلوب هذا النوع ، قوله تعالى : ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ، ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن [ النساء : 124 ، 125 ] ، فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الأولى ، لتقديم العمل في الأولى على الإيمان وتأخيره في الثانية عن الإسلام .
ومنه نوع يسمى القلب والمقلوب المستوي ، وما لا يستحيل بالانعكاس ، وهو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها كقوله تعالى : كل في فلك [ الأنبياء : 33 ] ، وربك فكبر [ المدثر : 3 ] ، ولا ثالث لهما في القرآن .