الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تشعر بنفور عندما تكون معي وتشتاق إليّ إذا ابتعدت، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

زوجتي تقول: إنها تشعر بإحساس غريب، وغصة، وضيق عندما تكون معي، وإنها تكرهني ولا تتحمل الجلوس معي، وتشعر دائمًا بدوخة، وذات مرة داخت وسقطت على الأرض.

ولكن عندما تذهب إلى بيت أهلها، تشعر بالراحة، وتتصل بي وتسأل عني، وتقول: إنها تحبني ولا تريد الانفصال، لكنها لا تعرف ما الذي يحدث لها عندما نكون معًا.

أرجو منكم الإجابة عن سؤالي، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ aqlan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول مستعينًا بالله تعالى:

أسأل الله العظيم أن يصلح حالك وحال زوجتك.

قبل التحدث عن أي تشخيص أو معالجة، لا بد أن تكون بينك وبين زوجتك مناقشة ومصارحة وشفافية؛ فتجلس معها جلسة هادئة بدون عتاب، لتصف لك مشاعرها بصدق، وأنت تستمع فقط دون مقاطعة أو لوم، فهذا يساعدها على التخلص من القلق، وقد تكون هناك أسباب مادية تزعجها، فتعبر عنها بافتعال حالة معينة، كونها لا تستطيع البوح بها ما لم تجد أمانًا وطمأنينة، وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال.

قد تمر زوجتك بما يُسمّى القلق الارتباطي أو النفور الشرطي، أي أن العقل يربط وجودها معك بشعور بالضيق أو الخوف الداخلي غير الواعي، فيظهر على شكل غصة، أو دوخة، أو حتى إغماء.

هناك احتمال أن يكون عندها صدمة، أو تجربة سابقة، قد لا تكون متعلقة بك مباشرة، لكن عقلها الباطن يثيرها حين تجلس معك، كذلك الاكتئاب، أو القلق، أو بعض الوساوس القهرية، قد تظهر بهذا الشكل الجسدي والنفسي المختلط.

قد يكون عندها قلق أو فوبيا مرتبطة بالمكان أو بالشخص -وهو أنت-، رغم أنها في الأصل تحبك ولا تريد الانفصال عنك، لكن يحصل عندها نوع من الارتباط الشرطي يجعلها تشعر بالضيق والدوخة عند لقائكما.

قد تُشخّص حالتها بأنها نوع من أنواع الوسواس، أو نوبات الهلع، حيث يشعر الإنسان في هذه الحالة بالغصة، والضيق، والتنميل، والدوخة عند القلق أو التوتر، وضعف الأعراض عند أهلها لا يعني أنها وهمية، بل قد يكون ذلك بسبب أن الضغط النفسي يزول هناك، فيتحسن وضعها الجسدي.

أنصحك بتجربة العيش مع زوجتك خارج سكنكما الحالي لعدة أيام، وليكن ذلك مؤقتًا، في بيت أهلها حيث تجد الراحة ويزول ذلك الشعور، وهذا بعد إبلاغهم بالسبب، ولا مانع أن يكون في بيت آخر، أو فندق مثلًا، فإذا سارت الأمور بشكل طبيعي، وزال عنها ما كانت تجده، فهذا دليل على أنه يوجد عمل في نفس البيت يقصد منه ألا تسكن فيه، أما لو كانت الزوجة تعاني من نفس المشكلة: فهذا يدل على أن ثمة عملًا للتفريق بينكما.

قد تكونان مصابين بالعين أو السحر، ومن أعراض ذلك أن النفور والكراهية، يحصلان فقط عند الاجتماع، ويختفيان عند البعد، وفي هذه الحال لا بد من الرقية الشرعية بالآيات القرآنية، والأدعية النبوية الشريفة، وعلى الزوجة قراءة الرقية على نفسها، أو يقوم الزوج برقية زوجته، ولا مانع من الاستعانة -بعد الله- براقٍ ثقة مأمون.

إذا تم تشخيص الحالة لدى الراقي بأنها سليمة من المس والعين والحسد، فقد يكون السبب نفسيًا، وبالتالي لا بد من عرضها على طبيب نفسي حاذق مختص بالعلاج الأسري، شريطة الالتزام باستعمال العلاج بالطريقة التي يصفها الطبيب.

أوصيكما بقراءة سورة البقرة والاستماع إليها بنية الاستشفاء بها، مع تلاوة القرآن الكريم، ففي ذلك شفاء -بإذن الله-، كما قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا}.

حافظا على الصلوات الخمس في وقتها، مع المداومة على النوافل، وما تيسر من صيام الأيام الفاضلة، مثل يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام الأيام البيض من كل شهر هجري؛ فأداء العبادات وخاصة الصيام فيه تضييق لمجاري الشيطان -بإذن الله تعالى-، مع المحافظة على أذكار اليوم والليلة بانتظام، ففي ذلك انشراح للصدور، وتحصين من الشياطين، والسحر، وأعين العائنين، وحسد الحاسدين.

اصبر على زوجتك وتعامل معها برفق، ولا تضغط عليها وقت ضيقها، فلا تتضجر منها، أو ترفع صوتك، أو تكثر الأسئلة، بل اجعلها تشعر بالأمان والطمأنينة.

لا تضغط على زوجتك ولا تجبرها على البقاء معك إن شعرت بالضيق، بل حاول أن تجعل اللقاء بينكما تدريجيًا، وبأجواء مريحة مع استمرار المعالجة، ما حل بزوجتك أمر مقدر، وعليكما الرضا بقضاء الله وقدره، فالإيمان بالقدر يبعث الطمأنينة في القلب.

واجها هذه المشكلة بالصبر، فالمؤمن يتقلب بين الشكر والصبر كما صح في الحديث: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن".

تضرعا بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحينا أوقات الإجابة، وخاصة أثناء السجود، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وعليكما بالرضا بما قضاه الله وقدره، فقد ورد في الحديث: "إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرِّضَى، ومن سخِط فله السُّخطُ".

نسأل الله تعالى أن يرفع عن زوجتك ما تجد، وأن يسعدكما في حياتكما، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً