الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 187 ] 73 - ( 212 ) - حدثنا هدبة بن خالد أبو خالد ، حدثنا مبارك بن فضالة ، قال : حدثني أبو الأصفر ، عن صعصعة بن معاوية ، قال : كان أويس بن عامر رجل من قرن ، وكان من أهل الكوفة ، وكان من التابعين ، فخرج به وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه ، فقال : اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمك علي ، فترك له منه ما يذكر به نعمه عليه ، وكان رجلا يلزم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان ، يولع به ، فإن رآه مع قوم أغنياء ، قال : ما هو إلا يستأكلهم ، وإن رآه مع قوم فقراء ، قال : ما هو إلا يخدعهم ، وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيرا ، غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه ، وكان عمر بن الخطاب يسأل الوفود إذا قدموا عليه من الكوفة : هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا ، فقدم وفد من أهل الكوفة ، فيهم ابن عمه ذاك ، فقال : هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ قال ابن عمه : يا أمير المؤمنين ، هو ابن عمي ، هو رجل نذل فاسد لم يبلغ ما إن تعرفه أنت يا أمير المؤمنين ، فقال له عمر : ويلك هلكت ، ويلك هلكت ، إذا أتيته فأقرئه مني السلام ، ومره فليفد إلي ، فقدم الكوفة ، فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد ، قال : فرأى أويسا فلم به ، [ ص: 188 ] فقال : استغفر لي يا ابن عمي ، قال : غفر الله لك يا ابن عم ، قال : وأنت يغفر الله لك يا أويس بن عامر ، أمير المؤمنين يقرئك السلام ، قال : ومن ذكرني لأمير المؤمنين ؟ قال : هو ذكرك ، وأمرنا أن نبلغك أن تفد إليه ، قال : سمع وطاعة لأمير المؤمنين ، فوفد إليه حتى دخل على عمر ، فقال : أنت أويس بن عامر ؟ قال : نعم ، قال : أنت الذي خرج بك وضح فدعوت الله أن يذهبه عنك فأذهبه ، فقلت : اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك علي ، فترك لك في جسدك ما تذكر به نعمه عليك ، قال : وما أدراك يا أمير المؤمنين ؟ فوالله ما اطلع على هذا بشر ، قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له : أويس بن عامر ، يخرج به وضح ، فيدعو الله أن يذهبه عنه ، فيذهبه ، فيقول : اللهم دع لي في جسدي ما أذكر به نعمتك علي ، قال : فيدع له منه ما يذكر به نعمه عليه ، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له ، فليستغفر له ، فاستغفر لي يا أويس بن عامر ، فقال له : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ، قال : وأنت يغفر الله لك يا أويس بن عامر ، قال : فلما سمعوا عمر ، قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال رجل : استغفر لي يا أويس ، وقال آخر : استغفر لي يا أويس ، فلما كثروا عليه انساب فذهب ، فما رئي حتى الساعة   .

التالي السابق


الخدمات العلمية